التعليق على رسالة حقيقة الصيام وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه
تصانيف
وقد ثبت عن غير واحد أنه قبل أن يفرض شهر رمضان أمر بصوم يوم عاشوراء، وأرسل مناديًا ينادي بصومه، فعلم أن مسمى هذا الاسم كان معروفًا عندهم.
وكذلك ثبت بالسنة واتفاق المسلمين أن دم الحيض ينافي الصوم، فلا تصوم الحائض لكن تقضي الصيام.
وثبت بالسنة أيضا من حديث لقيط بن صبرة: أن النبي ﷺ قال له: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما» فدل على أن إنزال الماء من الأنف يفطر الصائم، وهو قول جماهير العلماء (١) .
وفي «السنن» حديثان:
أحدهما: حديث هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة ﵁-قال: قال رسول الله ﷺ: «من ذرعه قيء وهو صائم فليس عليه قضاء، وإن استقاء فليقض» .
_________
(١) يعني: إذا أدخل الإنسان الشراب من غير الفم ففيه خلاف بين العلماء، ولكن ما دل عليه الحديث يجب أن يكون معتبرا، وهو أن النبي ﷺ قال: «إلا أن تكون صائما» [أخرجه أبو داود في الطهارة /باب في الاستنثار (١٤٢)؛ والنسائي في الطهارة/باب المبالغة في الاستنشاق (١/٦٦)؛ والترمذي في الصوم/باب ما جاء في كراهية مبالغة الاستنشاق للصائم (٧٨٨)؛ وصححه ابن خزيمة (١٥٠)؛ وابن حبان (١٠٨٧)] . ولا نعلم فائدة لهذا الاستثناء إلا خوف أن ينزل الماء من الأنف إلى المعدة، وإلا لا يكون للاستثناء فائدة، فالصواب ما دل عليه الحديث.
لكن لو جاء مجادل وقال: المسألة ليست إجماعية، وأنا لا أعتبر إلا ما ثبت بالنص والإجماع فقط، ولا أعترف بما ثبت قياسا.
قلنا له: الحمد لله، هذا ثابت بالنص؛ لأننا لا نعلم فائدة لاستثناء الصائم إلا خوف أن ينزل الماء من أنفه إلى معدته فيفطر.
1 / 4