163

التعليق على رسالة حقيقة الصيام وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه

تصانيف

والمذهب: له الفطر بالظن (و)؛ لأن الناس أفطروا في عهده ﷺ، ثم طلعت الشمس، وكذا أفطر عمر، والناس في عهده كذلك، ولأن ما عليه أمارة يدخله التحري، ويُقبلُ فيه قول الواحد، كالوقت والقِبْلةِ، بخلاف الصلاة. وقال في «التلخيص»: يجوز الأكل بالاجتهاد في أول اليوم، ولا يجوز في آخره إلا بيقين، ولو أكل ولم يتيقَّنْ، لزمه القضاء في الآخر، ولم يلزمْهُ في الأول، وقاله بعض الشافعية (١) . وإذا غاب حاجب الشمس الأعلى، أفطر الصائم حكمًا وإن لم يَطعَمْ، ذكره في «المستوعب» وغيره، وقوله ﵇: «إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم» (٢)، أي: أفطر شرعا، فلا يثاب على الوصال، كما هو ظاهر «المستوعب»، وقد يحتمل: أنه يجوز له الفطر. والعلامات الثلاث (٣)

(١) وهذه الخلافات لا قول لها مع وجود السُنة، والسُنة مقدمة على كل شيء، وهو أنه يجوز أن يفطر بغلبة الظن، ثم إن تبين أنه أخطأ فهو جاهل، فلا قضاء عليه. (٢) هنا الحديث: «فقد أفطر الصائم» فهل المعنى: فقد حلّ له الفطر، أو المعنى فقد أفطر حكمًا ولا ثواب له بعد ذلك؟ المسألة خلافية وهذا يدل على أن العمل قد يكون جائزًا وليس بمستحب ولا مشروع، ووجه الجواز أن النبي ﷺ أجاز لهم الوصال إلى السحر، ولو كان الوصال حرامًا لم يواصل بهم، ولم يأذن لهم في الاستمرار. (٣) «العلامات الثلاث» هي: الأولى: إقبال الليل من المشرق، والثانية: إدبار النهار من المغرب، والثالثة: غروب الشمس. وقوله: «متلازمة» أي: ليس معناه أن الشمس تغيب من انقضاء الليل من المشرق، ولكن - كما هو مشاهد - ترى الليل أسود من جهة المشرق، والشمس لا تزال باقية، ولهذا قال: «وغربت الشمس» لئلا يظن الظان أنه بمجرد إقبال الليل، وإدبار النهار يفطر الصائم.

1 / 163