جامع تراث العلامة الألباني في الفقه
الناشر
مركز النعمان للبحوث والدراسات الإسلامية وتحقيق التراث والترجمة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
٢٠١٥ م
مكان النشر
صنعاء - اليمن
تصانيف
إذًا؛ ما هي نسبة النجاسة التي إذا وقعت في القُلَّتين لم تُنَجِّسه عملًا بهذا الحديث، أما أن يقال مطلق النجاسة؛ فهذا لا أحد يقول به.
إذًا: ما هي المقدار من النجاسة التي إذا وقعت في الماء ذو القلتين تَنَجَّس؟ طبعًا -أيضًا- لا يمكن أن يقال أن النسبة ثابتة، سواء حَدَّدناها بقليل أو بكثير من المياه الصحية؛ لأن أنواع النجاسات يختلف تأثيرها، مثلًا: إذا وقع فيه بول -مثلًا- فسوف لن يؤثر إذا وقع فيه قليل من البول .. سوف لا يؤثر في تغييره، كما لو وقع فيه دم نجس مثلًا، فالقليل من الدم النجس يُغَيِّر هذا الماء بسرعة وبنسبة أقل من وقوع البول نظرًا لكون البول يتضاءل من حيث اللون مع الماء.
فهنا الإنسان يستطيع أن يتصور احتمالات عديدة جدًا، وصور متعددة جدًا جدًا، من حيث كثرة النجاسة وقِلَّتها من جهة ونوعية النجاسة وقلتها من جهة أخرى، فما الحكم؟ حينئذٍ سنجد أنفسنا مضطرين إلى حديث البئر، هو الذي يتحكم في حديث القلتين، فسنقول: النجاسة التي وقعت في القُلَّتين ولم تُنَجِّسه هي التي أشار إليها الحديث: «الماء طهور» أي: بقي ماء القلتين طهورًا لم يتغير [شيء] من الأنواع الثلاثة، فإذًا يبقى طاهرًا وإلا تنجس، واضح إلى هنا؟
مداخلة: إلى هنا واضح.
الشيخ: طيب! نمشي الآن خط منعكس تمامًا: الماء قلتين لا يحمل الخبث، فإما أنه ليس على إطلاقه واضح أن الماء دون القلتين وقع فيه قطرة من بول تنجس على حديث القلتين؟ تنجس لكن على حديث البئر لم يتنجس لماذا؟
لأنه أعطانا قاعدة: أن الماء الذي وقعت في نجاسة ما دام أنه لم يخرج عن كونه ماء مطلقًا وذلك بألا يتغير أحد أوصافه الثلاثة فهو طهور لا يُنَجِّسه شيء.
حينئذٍ يظهر لنا تمامًا أن حديث البئر كما تسلط على حديث القلتين، من حيث البيان والتوضيح أنه ليس على إطلاقه، فكذلك هو يتسلط على حديث القلتين من حيث مفهوم المخالفة له .. مفهوم المخالفة: أنه إذا كان لم يبلغ القلتين تنجس، مهما
1 / 44