القول المبين في سيرة سيد المرسلين
الناشر
دار الندوة الجديدة بيروت
مكان النشر
لبنان
تصانيف
١ هذا القول، أحد قولين، كما ذكر ذلك ابن الجوزي في "زاد المسير" ٤/ ٤٤١ وغيره. وقال: والثاني: لما كان في الغار. فليس هو محصور قولهم بيوم الأحزاب أو بدر أو حنين، كما ذكر المؤلف. وأما قوله أن المراد بالجنود النسيج والحمامتان، لا الملائكة، وعجبه من المفسرين. فالعجب منه هو، كيف سوغ لنفسه مخالفة جميع هؤلاء المفسرين. ثم إن مجرد رؤية العنكبوت أو الحمامة ليس يدفع الرائي للرجوع وعدم الدخول في الغار، إلا بما يقذف في قلبه من ذلك. وهذا من عمل الملائكة، لا من عمل الحمام أو نسيج العنكبوت نفسه. ومن هنا يعرف صحة ما قالوا، وضعف ما انتقد. نعم، لو قال: لا مانع أن تدخل الحمامتان، ونسج العنكبوت ضمن تلك الجنود مع الملائكة بعد ثبوت الخبر، لكان أحسن. ٢ فائدة: تفسير القرآن يحتاج لفهم وسبر يجعلهما الله فيمن يريد من عباده، فلا يتعجل المسلم في الخوض في ذلك، وانتقال السياق من موضع لآخر، ومن حكمة لأخرى أمر مشهود مشهور في القرآن العظيم، وبدليل ما في هذه الآية نفسها: فقوله تعالى: ﴿فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا﴾ . قال جمهور أهل التفسير: عليه -أي على أبي بكر- لا على النبي ﷺ لأنه كان مطمئنًا، كما صح ذلك ومضى الحديث.. وقال قليلون: عليه أي على النبي، وقيل: عليهما! وأما "أيده" فقالوا: هي للنبي ﷺ مع أن السياق واحد. وقد أوضح ابن الجوزي وغيره هذه الظاهرة فقال في "الزاد" ٤/ ٤٤١: فإن قيل: إذا وقع الاتفاق أن هاء أيده ترجع للنبي ﷺ فكيف تفارقها هاء "عليه" =
1 / 179