157

القول المبين في سيرة سيد المرسلين

الناشر

دار الندوة الجديدة بيروت

مكان النشر

لبنان

تصانيف

فدنا فأحرق نفسه ... ولو اهتدى رشدًا لأبعد
لقاء الأنبياء: كما يتساءل بعض الناس -كذلك- عن كيفية المقابلة التي تمت بين رسول الله ﷺ وبين الأنبياء في هذا الملأ الأعلى؟ وإذا كان المعراج لم يثبت إلا لمحمد ﷺ فيكف يمكن أن تنتقل أجساد هؤلاء الأنبياء ويعرج بها من الأرض إلى السماء؟ ولقد أجاب العلامة ابن القيم في كتابه زاد المعاد١ على هذا السؤال فقال: إن أرواح الأنبياء مستقرة في السماء، ولكن لها إشراف على البدن في الأرض وإشراق وتعلق. وبهذا التعلق رأى محمد ﷺ أخاه موسى ﵇ قائمًا يصلي في قبره، ورآه في السماء السادسة، ومعلوم أنه لم يعرج بموسى من قبره ثم رد إليه، بل ذلك مقام روحه واستقرارها، وقبره مقام بدنه واستقراره إلى يوم معاد الأرواح إلى أجسادها، فرآه يصلي في قبره، ورآه في السماء السادسة. كما أنه ﷺ في أرفع مكان في الرفيق الأعلى مستقر هناك، وجسده في ضريحه غير مفقود، ومن كثف إدراكه وغلظت طباعه عن إدراك هذا فلينظر إلى الشمس في علو محلها، وتعلقها بالأرض وتأثيرها فيها، وحياة النبات والحيوان بها، وهذا شأن الروح فوق هذا فلها شأن وللأبدان شأن. وهذه النار تكون في محلها، وحرارتها تؤثر في الجسم البعيد عنها، ومع أن الارتباط الذي بين الروح والبدن أقوى وأكمل من ذلك وأتم، فشأن الروح أعلى

١ "٢/ ١٢٩".

1 / 160