المحجة في سير الدلجة
محقق
أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني
الناشر
الفاروق الحديثة للطباعة والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
تصانيف
زنجويه (١) وغيره.
وفي تكرير أمره بالقصد إشارة (إِلَى) (**) المداومة عليه، فإن شدة السير والاجتهاد مظنةُ السامة والانقطاع، والقصد أقرب إِلَى الدوام، ولهذا جعل عاقبةَ القصد البلوغَ كما قَالَ: "من أدلج بلغ المنزل".
فالمؤمن في الدنيا يسيرُ إِلَى ربه حتى يبلغَ إِلَيْهِ، كما قَالَ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾ [الانشقاق: ٦]، وقال تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر: ٩٩].
قَالَ الحسن: يا قوم، المداومةَ المداومةَ فإنَّ الله يجعل لعمل المؤمن أجلًا دون الموت، ثم تلا هذه الآية.
وقال أيضًا: نفوسكم مطاياكم فأصلحوا مطاياكم تُبلِّغكم إِلَى ربكم ﷿.
والمرادُ بصلاح المطايا: الرفقُ بها، وتعاهُدها بما يصلحها من قوتها والرفق بها في سيرها، فإذا أحسَّ منها بتوقفٍ في السير تعاهدها تارةً بالتشويق، وتارةً بالتخويف حتى تسير.
قَالَ بعض السَّلف: الرجاء قائدٌ والخوف سائقٌ، والنفس بينهما كالدابة الحَرُون (٢).
فمتى فتر قائدها وقصَّر سائقها وقفت فتحتاج إِلَى الرفق بها والحدو لها حتى يطيب لها السير.
كما قَالَ حادي الإِبل بالبوادي:
بَشَّرها دليلها وقال لها ... غدًا ترَيْن الطلح والجبالا
_________
(١) وأخرجه البيهقي في "السنن الكبير" (٣/ ١٩).
(**) عَلَى: "نسخة".
(٢) الدابة الحرون: هي التي إذا استدر جريها وققت لسان العرب (١٣/ ١١٠).
4 / 423