وحفظ ما وكلوا بحفظه من آيات كتابه والقيام بحدوده، واتباع حلاله وحرامه والعمل بما فيه من أمر الله، والانتهاء عما نهى فيه من نهيه، فوفقهم جل ثناؤه لذلك ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: ٩٠] يقول تعالى ذكره: فبالعمل الذي عملوا، والمنهاج الذي سلكوا، وبالهدى الذي هديناهم، والتوفيق الذي وفقناهم اقتده يا محمد، أي: فاعمل وخذ به واسلكه فإنه عمل لله فيه رضًا ومنهاج من سلكه اهتدى» (^١).
- يقول ابن سعدي ﵀: «أيها الرسول، اتبع ملة هؤلاء الأنبياء الأخيار، وقد امتثل فاهتدى بهدي الرسل من قبله وجمع كل كمال فيهم فاجتمعت لديه فضائل وخصائص فاق بها جميع العالمين» (^٢).
ولقد اقتدى ﷺ بالقرآن فكان خلقه القرآن، كما وصفته أم المؤمنين عائشة ﵂ بعد صحبة طويلة لمّا سُئِلَت عن خُلُقِهِ ﷺ قالت: «كان خُلُقُهُ القُرآنَ» (^٣).
واقتدى الصحابة ﵃ برسولهم ﵌ في عبادته، وحلمه، وتواضعه، وزهده، وجوده، وكرمه، ورحمته، وشجاعته، وقوته، وحسن سياسته، وتدبيره، وثباته على المبدأ، والتابعون اقتدوا وتأسوا بالصحابة الكرام ﵃، ولذا يقول ابن مسعود ﵁ للتابعين: «اتبعوا آثارنا ولا تبتدعوا فقد كُفِيتُمْ» (^٤).
(^١) الطبري: محمد بن جرير: جامع البيان في تفسير القرآن. دار الهجرة، ط ١، الجزء: ٩، (ص ٣٩١).
(^٢) تفسير السعدي (٢/ ٤٩).
(^٣) الألباني في كل من: صحيح الجامع (٤٨١١) صحيح، وصحيح الأدب المفرد (٢٣٤)، صحيح لغيره.
(^٤) الاعتصام للشاطبي (١/ ٧٩).
1 / 174