43

الأدب الصغير ت خلف

الناشر

دار ابن القيم بالإسكندرية

تصانيف

ثُمَّ اجْتِمَاعِ الْعُلَمَاءِ وَالْجُهَّالِ وَالْمُهْتَدِينَ وَالضُّلاَّلِ عَلَى ذِكْرِ اللهِ (تَعَالَى) وَتَعْظِيمِهِ، وَاجْتِمَاعِ مَنْ شَكَّ فِي اللهِ (تَعَالَى) وَكَذَّبَ بِهِ عَلَى الإِقْرَارِ بِأَنَّهُمْ أُنْشِئُوا حَدِيثًا، وَمَعْرِفَتِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُحْدِثُوا أَنْفُسَهُمْ.
فَكُلُّ ذَلِكَ يَهْدِي إِلَى اللهِ، وَيَدُلُّ عَلَى الَّذِي كَانَتْ مِنْهُ هَذِهِ الْأُمُورُ، مَعَ مَا يَزيدُ ذَلِكَ يَقِينًا عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ اللهَ حَقٌّ كَبِيرٌ، وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى أَنْ يُوقِنَ أَنَّهُ بَاطِلٌ (١).
إِنَّ لِلسُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ حَقًّا لاَ يَصْلُحُ لِخَاصَّةٍ وَلاَ عَامَّةٍ أَمْرٌ إِلاَّ بِإِرَادَتِهِ، فَذُو اللُّبِّ حَقِيقٌ أَنْ يُخْلِصَ لَهُمُ النَّصِيحَةَ، وَيَبْذُلَ لَهُمُ الطَّاعَةَ، وَيَكْتُمَ سِرَّهُمْ، وَيُزَيِّنَ سِيرَتَهُمْ، وَيَذُبَّ بِلِسَانِهِ وَيَدِهِ عَنْهُمْ، وَيَتَوَخَّى مَرْضَاتِهِمْ، وَيَكُونَ مِنْ أَمْرِهِ الْمُؤَاتَاةُ (٢) لَهُمْ، وَالْإِيثَارُ لِأَهْوَائِهِمْ وَرَأْيِهِمْ عَلَى هَوَاهُ وَرَأْيِهِ، وَيُقَدِّرَ الْأُمُورَ عَلَى مُوَافَقَتِهِمْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ مُخَالِفًا، وَأَنْ يَكُونَ مِنْهُ الْجِدُّ فِي الْمُخَالَفَةِ لِمَنْ جَانَبَهُمْ وَجَهِلَ حَقَّهُمْ، وَلاَ يُوَاصِلَ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ مَنْ لاَ تُبَاعِدُ مُوَاصَلَتُهُ إِيَّاهُ مِنْهُمْ، وَلاَ تَحْمِلَهُ عَدَاوَةُ أَحَدٍ لَهُ وَلاَ إِضْرَارٌ بِهِ عَلَى الاضْطِغَانِ (٣) عَلَيْهِمْ، وَلاَ مُؤَاتَاةُ أَحَدٍ عَلَى الاسْتِخْفَافِ بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِهِمْ وَالانْتِقَاصِ لِشَيْءٍ مِنْ حَقِّهِمْ، وَلاَ يَكْتُمَهُمْ شَيْئًا مِنْ نَصِيحَتِهِمْ، وَلاَ يَتَثَاقَلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ طَاعَتِهِمْ، وَلاَ يَبْطَرَ إِذَا أَكْرَمُوهُ، وَلاَ يَجْتَرِئَ عَلَيْهِمْ إِذَا قَرَّبُوهُ، وَلاَ

(١) في "ك": [بِالْبَاطِلِ].
(٢) المؤاتاة والمواتاة: الموافقة والمطاوعة، يُقَال: آتَاهُ وَوَاتَاهُ عَلَى ذلك الأمر مُؤَاتَاةً وَوِتَاءً: إِذَا طَاوَعَهُ وَوَافَقَهُ.
(٣) يقال: اضْطَغَنَ فلانٌ على فلانٍ: إذا حقد عليه، والضَّغِينة وَالضِّغْن: الحِقد.

1 / 48