سيرة الشاب الصالح عبد الرحمن بن سعيد بن علي بن وهف القحطاني
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
وكنت أعلم عن جميل صفاته ... كما ولكن غيبتها الصفائح
وأصبح في لحدٍ من الأرض ميتًا ... وكان به حيًّا تضيق الصحاصح
وما نحن من رزءٍ وإن جلَّ نجزع ... ولا بسرورٍ بعد فقده نفرح
لقد كان شابًّا صالحًا محبوبًا، يعلوه وقار العلماء، وفي مُحيّاه ملامح العظماء، وكما أحبه الصغار والكبار في حياته، فلقد بكى عليه القوم بعد وفاته، ولكن يا ترى هل كان سبب تلك المحبة كتاب الله ﷿ الذي قد حواه في صدره حفظًا وإتقانًا وعملًا وتعليمًا، فهو وإن كان صغيرًا فهو يتمتع بهمَّة الكبار، وبراءة الصغار؛ مما جعله أنموذجًا غريبًا يتحيَّر فيه المتأمِّل لتلك الأعمال، فقد بكت السارية التي كان يسند الصغير ظهره عليها، نعم، فقد بكت بحرقة وحسرة وألم ... نعم وما يدريك ...
أم يا ترى كان سبب ذلك التحاقه بكلية الشريعة التي قد أجاد معظم مناهجها على يد والده من سنٍّ مبكرٍ، أم أن سبب ذلك تعيينه مُؤذِّنًا في ذلك الجامع الذي يؤمُّه والده، والذي يتنافس على ذلك الجامع طلبة العلم، ولقد شاهدت ذلك الصغير يتنافس مع بعض طلبة العلم، وكم كانت دهشتي عندما علمت أنه هو الفائز، لكن كل ذلك وغيره لم يكن هو السبب الرئيس في انشراح صدر ذلك الشاب، وحبه للعلم، وانطلاق لسانه بالشعر، إضافة إلى ما عنده من القرآن والحكمة، ولم يكن سبب ذلك الأذان الذي يصدح في الوقت تمامًا، والذي يدفع كل من يصل إليه صوته إلى فتح النوافذ، والاستماع إلى ذلك الأذان العجيب، وأنا من هؤلاء، وليس سبب حب الجميع له بسبب حضوره المبكر للجامع قبل
1 / 74