السيرة النبوية منهجية دراستها واستعراض أحداثها

عبد الرحمن علي الحجي ت. 1442 هجري
50

السيرة النبوية منهجية دراستها واستعراض أحداثها

الناشر

دار ابن كثير

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠ هـ

مكان النشر

دمشق

تصانيف

ولما قال عمر ﵁: يا رسول الله! والله لأنت أحبّ إليّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال ﷺ: «لا يا عمر، حتى أكون أحبّ إليك من نفسك» قال: يا رسول الله! والله لأنت أحبّ إليّ من كلّ شيء حتى من نفسي، فقال ﷺ: «الآن يا عمر» «١» . * الخلوص في التوجه، والنقاء في التلقّي: والسيرة هي التي احتوت الصيغ العملية للإسلام كله، قرآنا وسنّة، وبكل قواعدهما وأسسهما وأجوائهما، شمولا للحياة، وبناء عليها. ولمّا بعث رسول الله ﷺ معاذ بن جبل إلى اليمن، في السنة التاسعة للهجرة، أوصاه بالأخذ بكتاب الله وسنّة رسول الله ﷺ والاستمداد منهما. فلقد ورد عن معاذ أنه قال: لما بعثني رسول الله ﷺ إلى اليمن، قال: «كيف تقضي إذا عرض لك قضاء»؟ قال: قلت: أقضي بكتاب الله، قال: «فإن لم تجد في كتاب الله»؟ قال: فبسنّة رسول الله، قال: «فإن لم تجد في سنّة رسول الله»؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو (لا أقصّر) . قال: فضرب رسول الله ﷺ صدري، وقال: «الحمد الله الذي وفّق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله» «٢» .

(١) مسند الإمام أحمد (٤/ ٢٣٦) . (٢) رواه أبو داود (رقم ٣٥٩٢، ٣٥٩٣)، كتاب الأقضية، باب: اجتهاد الرأي في القضاء. والترمذي (رقم ١٣٢٧، ١٣٢٨)، كتاب الأحكام، باب: ما جاء في القاضي كيف يقضي. جامع الأصول (١٠/ ١٧٧) . انظر كذلك: البخاري: كتاب المغازي، باب: بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل ﵄ إلى اليمن قبل حجة الوداع (رقم ٤٠٨٦- ٤٠٨٨/ ٤) . وكان رسول الله ﷺ حين أرسل معاذا إلى اليمن في هذه المهمة خرج يودّعه ويوصيه ومعاذ راكب ورسول الله ﷺ يمشي تحت راحلته، فلما فرغ، قال: «يا معاذ! إنك عسى ألّا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمرّ بمسجدي هذا أو قبري» . فبكى معاذ جشعا لفراق رسول الله ﷺ. وقد حدث هذا فعلا، (إذ لم يزل في اليمن حتى توفي

1 / 56