السيرة النبوية منهجية دراستها واستعراض أحداثها
الناشر
دار ابن كثير
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٠ هـ
مكان النشر
دمشق
تصانيف
وهذا معلم واحد من معالم هذا الدّين الواضحة، دين أهل الأرض أجمعين، حالا واستقبالا، مثلما هو معلم من معالم السيرة النبوية الشريفة، ومعالمها كثيرة وقوية بينة باهرة، متلألئة مناراتها.
مثلما تلمسه وتراه وتشهده في سيرة الصحابة الكرام- ﵃ أجمعين- الذين دانوا بالعبودية الكاملة لله رب العالمين في أكمل صورها، وهم يبقون نموذجا للأجيال وعلى مدار التاريخ. فعن عبد الله بن مسعود (٣٢ هـ) ﵁: (أن الله تعالى بعد أن اختار محمدا ﷺ وبعثه برسالته، إن الله نظر في قلوب العباد فاختار محمدا ﷺ فبعثه برسالته وانتخبه بعلمه، ثم نظر في قلوب الناس بعده فاختار الله له أصحابا، فجعلهم أنصار دينه ووزراء نبيّه ﷺ «١» .
والكل مقتد برسول الله ﷺ، الذي إن غاب اليوم عنا شخصه الكريم ووجوده الحي الوضئ وجسده الشريف، فهو باق محفوظ ماثل وقائم، بتوجيهاته وسلوكه ومواقفه وآفاق تربيته وجهاده وعبادته ودعائه، في البيت والمسجد والحياة، حربا وسلما في الرضا والغضب والانتصار والانكسار وفي دلائله وشمائله، حية متحركة متعطرة تفوح بالمسك قويا، عبقة تنشر الطيب، كأنك تراه وتشهده وترقبه أمامك قائما. وتلك هي السيرة النبوية الشريفة بشمولها وكمولها ومضامينها.
نستبين ذلك أيضا جليا من حياة الصحابة الكرام، بكل جوانبها ونواحيها وميادينها، ونراه ظاهرا جاهرا ومنظورا في سيرتهم المقتداة والمقتدية بالنبي الكريم ﷺ، مهما تفاوتوا- وهم يتفاوتون- في الخير والبرّ والنصرة، لكنهم اغترفوا من هذا النبع الصافي المبارك الكريم؛ ولذلك استحقوا الأوصاف الكريمة التي وصفهم الله تعالى بها في قرآنه العظيم،
_________
(١) حياة الصحابة، الكاندهلوي، (١/ ٤٦) .
1 / 15