السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة
الناشر
مكتبة العبيكان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م
تصانيف
يحملون في أيديهم ألوانًا من الأذى والعذاب لعله يتراجع .. ويتراجع أصحابه معه.
يؤذون رسول الله
كانت البداية امرأة .. امرأة تدعى أم جميل بنت حرب .. زوجة أبي لهب .. انتفضت لما سمعت قول الله: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥)﴾ حشرتها هذه الآيات .. وضاق صدرها بهذا اللهب .. فخرجت كالمجنونة لا تلوي على شىء .. تبحث هنا وهناك .. في الدور والطرقات .. عن انتقام يخمد هذا الجمر في قلبها .. تبحث عن محمد ﷺ .. قصدت المسجد الحرام فرأت أبا بكر الصديق فأقبلت عليه (ولها ولولة، وفي يدها فهو (١)، وهي تقول:
مذممًا أبينا، ودينه قلينا، وأمره عصينا
والنبي ﷺ جالس في المسجد ومعه أبو بكر ﵁، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله قد أقبلت، وأنا أخاف أن تراك، قال النبي-ﷺ: إنها لن تراني، وقرأ قرآنًا فاعتصم به كما قال، وقرأ: ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا﴾ فوقفت على أبي بكر، ولم تر رسول الله ﷺ، فقالت: يا أبا بكر، إني أخبرت، أن صاحبك هجاني، فقال أبو بكر: لا، ورب هذا البيت، ما هجاك. فولت وهي تقول: قد علمت قريش أني ابنة سيدها) (٢).
_________
(١) الفهر: الحجر.
(٢) حديثٌ حسنٌ بما بعده، فقد رواه البيهقي من طريق الإمام الحميدي، حدثنا الوليد بن كثير المخزوم (وهو ثقة من رجال الشيخين) عن محمد بن مسلم بن تدرس (أبى الزبير) عن =
1 / 87