212

السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة

الناشر

مكتبة العبيكان

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م

تصانيف

القلب واليدين وهو يشاهد حبيبه ﷺ (يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، وقد نحرت جزور (١) بالأمس. فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا جزور "بني فلان" فيأخذه. فيضعه على كتفي محمَّد إذا سجد. فانبعث أشقى القوم، فأخذه، فلما سجد النبي ﷺ وضعه بين كتفيه، فاستضحكوا، وجعل بعضهم يميل إلى بعض، وأنا قائم أنظر -لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله ﷺ والنبي ساجد ما يرفع رأسه، حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة، فجاءت -وهي جويرية- فطرحت عنه، ثم أقبلت عليهم تسبهم، فلما قضى النبى ﷺ صلاته رفع صوته، ثم دعا عليهم، وكان إذا دعا .. دعا ثلاثًا، وإذا سأل .. سأل ثلاثًا، ثم قال النبي ﷺ: "اللَّهم عليك بقريش .. اللَّهم عليك بقريش .. اللَّهم عليك بقريش". فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته، ثم قال ﷺ: "اللَّهم عليك بأبي حهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط، وذكر السابع ولم أحفظه") (٢). استنفذ ﷺ -دون يأس- كل الوسائل فـ: لم يبق إلا الدعاء قريش أصبحت جدارًا .. أم القرى لهيب نار .. اليوم صوتها رمضاء .. دروبها عماء .. دروبها حبال .. حصار فوقه حصار .. تلبد الحصار كالجبال كالمحال .. لكنه الإيمان .. نبض الموحدين يمضغ المحال .. وفي السماء قطرة

(١) الجزور من الإبل يطلق على الذكر والأنثى والمراد به هنا سلا الأنثى من الإبل. (٢) حديث صحيح. رواه مسلم الجهاد والسير، والبيهقيُّ (٢/ ٢٨) واللفظ له.

1 / 214