السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة
الناشر
مكتبة العبيكان
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م
تصانيف
من معركة ضاع فيها الشرف وسالت فيها الدماء .. وكأن رسول الله ﷺ لم يكن أكثر الناس تبسمًا .. وأكثر الناس تطيبًا .. وأزكى الناس رائحة .. كأن الرسول ﷺ لم يقل إن الله جميل يحب الجمال.
وهناك من يعامل اليهود والنصارى وغيرهم وكأنهم علماء متبحرون في دينهم .. كأنهم يتعمدون الكفر .. وكأن المسلم غير ملزم بدعوتهم قبل بغضهم واضطرارهم إلى أضيق الدروب. ويغفل هؤلاء -وهم في غمرة حماسهم- ويتناسون:
ما حدث لركانة
مشرك قوي البنية .. لم يتمكن أحد من طرحه على الأرض .. ويبدو أنه قد تميز عن أهل عصره بتلك البنية البدنية الجبارة .. هذا الرجل يرى في جسده كل ثروته وشهرته .. أما رسول الله ﷺ فكان يرى في تلك العضلات المنحوتة بالنشاط أبوابًا إلى عقل ركانة وروحه .. فلا بأس من طرقها لعل الله أن يهديه للإسلام .. فيقرر ﷺ ممارسة لهو مباح مع هذا المشرك .. ولا أحد يستطيع أن ينكر أن ما قام به ﷺ ليس من اللهو .. فماذا فعل ﷺ مع ابن ركانة؟ لقد (جاء يزيد بن ركانة إلى النبي ﷺ ومعه ثلثمائة من الغنم فقال: يا محمَّد، هل لك أن تصارعني؟ قال ﷺ: وما تجعل لي إن صرعتك؟ قال: مائة من الغنم، فصارعه، فصرعه، ثم قال: هل لك في العود؟ فقال ﷺ: وما تجعل لي؟ قال: مائة أخرى، فصارعه، فصرعه، وذكر الثالثة، فقال: يا محمَّد، ما وضع جنبي في الأرض أحد قبلك، وما كان أحد أبغض إلي منك وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقام عنه ورد عليه غنمه) (١).
(١) رواه الخطيب وصححه الألباني في إرواء الغليل (١٥٠١).
1 / 114