القول المفيد على كتاب التوحيد
الناشر
دار ابن الجوزي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
محرم ١٤٢٤هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
باللسان، والاعتقاد بالقلب، والتصديق بالجوارح، ولهذا لما قال المنافقون للرسول ﷺ: ﴿نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ﴾ ١ وهذه جملة مؤكدة بثلاث مؤكدات: الشهادة، وإن واللام، كذبهم الله بقوله: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ ٢ فلم ينفعهم هذا الإقرار باللسان؛ لأنه خال من الاعتقاد بالقلب، وخال من التصديق بالعمل، فلم ينفع، فلا تتحقق الشهادة إلا بعقيدة في القلب، واعتراف باللسان، وتصديق بالعمل. وقوله: "لا إله إلا الله": أي: لا معبود على وجه يستحق أن يعبد إلا الله، وهذه الأصنام التي تعبد لا تستحق العبادة، لأنه ليس فيها من خصائص الألوهية شيء. قوله: " وحده لا شريك له ": «وحده»: توكيد للإثبات «لا شريك له»: توكيد للنفي في كل ما يختص به من الربوبية والألوهية، والأسماء والصفات؛ ولهذا كان النبي ﷺ وغيره من المؤمنين يلجؤون إلى الله تعالى عند الشدائد، فقد جاء أعرابي إلى النبي ﷺ وعنده أصحابه، وقد علق سيفه على شجرة فاخترطه الأعرابي، وقال: من يمنعك مني؟ قال: "يمنعني الله "٣ ولم يقل أصحابي، وهذا هو تحقيق توحيد الربوبية، لأن الله هو الذي يملك النفع، والضر، والخلق، والتدبير، والتصرف في الملك، إذ لا شريك له فيما يختص به من الربوبية، والألوهية والأسماء والصفات. _________ ١ سورة المنافقون آية: ١. ٢ سورة المنافقون آية: ١. ٣ من حديث جابر، رواه: البخاري (كتاب الجهاد، باب من علق سيفه بالشجر، ٢/٣٣٥)، ومسلم (كتاب صلاة المسافرين، باب صلاة الخوف، ١/٥٧٦) .
1 / 67