القول المفيد على كتاب التوحيد
الناشر
دار ابن الجوزي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
محرم ١٤٢٤هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
يكون عاجزا عن تصور حقائق ما وصف الله به نفسه، ولهذا يجب على الإنسان أن يمنع نفسه عن السؤال ب "لم" و"كيف" فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته. وكذا يمنع نفسه من التفكير بالكيفية.
وهذا الطريق إذا سلكه الإنسان استراح كثيرا، وهذه حال السلف ﵏، ولهذا لما جاء رجل إلى الإمام مالك بن أنس ﵀ قال: يا أبا عبد الله! ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه:٥]، كيف استوى؟ فأطرق برأسه وقال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعا".
أما في عصرنا الحاضر، فنجد من يقول: إن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة، فيلزم من هذا أن يكون كل الليل في السماء الدنيا; لأن الليل يمشي على جميع الأرض، فالثلث ينتقل من هذا المكان إلى المكان الآخر! وهذا لم يقله الصحابة رضوان الله عليهم، ولو كان هذا يرد على قلب المؤمن; لبينه الله إما ابتداء أو على لسان رسوله ﷺ، أو يقيض من يسأله عنه فيجاب، كما سأل الصحابة رسول الله ﷺ: أين كان الله قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ فأجابهم١.
_________
١ من حديث عمران بن حصين ﵄، وفيه: "جئنا نسألك عن هذا الأمر. قال: كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء ". رواه البخاري (كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ﴾، ١/٤١٨) . ومن حديث أبي رزين قال: قلت يا رسول الله! أين ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء ما تحته هواء، وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء ". رواه الترمذي (التفسير، رقم ٣١٠٨) - وقال: " حديث حسن " -، وابن ماجه في (المقدمة، رقم ١٣)، وأحمد في المسند " (٤/١١، ١٢) .
1 / 22