151

السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

سنة ٢٠٠٠ م

تصانيف

وَاصِلًا فَارَقَ السَّلَفَ بِبِدْعَةٍ ثَالِثَةٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ وَجَدَ أَهْلَ عَصْرِهِ مُخْتَلِفِينَ فِي عَلِيٍّ وَأَصْحَابِهِ، وَفِي طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَائِشَةَ وَسَائِرَ أَصْحَابِ الجَمَلِ، فَزَعَمَتْ الخَوَارِجُ أَنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَائِشَةَ وَأَتْبَاعِهِمْ يَوْمَ الجَمَلِ كَفَرُوا بِقِتَالِهِمْ عَلِيًّا، وَأَنَّ عَلِيًّا كَانَ عَلَى الحَقِّ فِي قِتَالِ أَصْحَابَ الجَمَلِ، وَفِي قِتَالِ أَصْحَابَ مُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ إِلَى وَقْتِ التَّحْكِيمِ، ثُمَّ كَفَرَ بِالتَّحْكِيمِ، وَكَانَ أَهْلُ السُنَّةِ وَالجَمَاعَةِ يَقُولُونَ بِصِحَّةِ إِسْلاَمِ الفَرِيقَيْنِ فِي حَرْبِ الجَمَلِ وَقَالُوا: إِنَّ عَلِيًّا كَانَ عَلَىَ الحَقِّ فِي قِتَالِهِمْ، وَأَصْحَابُ الجَمَلِ كَانُوا عُصَاةً مُخْطِئِينَ فِي قِتَالِ عَلِيٍّ، وَلَمْ يَكُنْ خَطَؤُهُمْ كُفْرًا وَلاَ فِسْقًا يُسْقِطُ شَهَادَتُهُمْ، وَأَجَازُوا الحُكْمَ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْ الفَرِيقَيْنِ، وَخَرَجَ وَاصَلٌ عَنْ قَوْلِ الفَرِيقَيْنِ، وَزَعَمَ أَنَّ فِرْقَةً مِنَ الفَرِيقَيْنِ فَسَقَةٌ لاَ بِأَعْيَانِهِمْ، وَأَنَّهُ لاَ يُعْرَفُ الفَسَقَةُ مِنْهُمَا، وَأَجَازَ أَنْ يَكُونَ الفَسَقَةُ مِنَ الفَرِيقَيْنِ عَلِيًّا وَأَتْبَاعَهُ كَالحَسَنِ وَالحُسَيْنِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَأَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيَّ وَسَائِرَ مَنْ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ يَوْمَ الجَمَلِ، وَأَجَازَ كَوْنِ الفَسَقَةِ مِنَ الفَرِيقَيْنِ عَائِشَةُ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرَ وَسَائِرُ أَصْحَابِ الجَمَلِ، ثُمَّ قَالَ وَاصِلٌ فِي تَحَقُّقِ شَكِّهِ فِي الفَرِيقَيْنِ: لَوْ شَهِدَ عِنْدِي عَلَيٌّ وَطَلْحَةُ أَوْ عَلَيٌّ وَالزُّبَيْرُ أَوْ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ وَرَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الجَمَلِ عِنْدِي عَلَىَ بَاقَةِ بَقْلٍ لَمْ أَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِمَا، لِعِلْمِي بِأَنَّ أَحَدُهُمَا فَاسِقٌ لاَ بِعَيْنِهِ، كَمَا لاَ أَحْكُمُ بِشَهَادَةِ المُتَلاَعِنَيْنِ لِعِلْمِي بِأَنَّ أَحَدَهُمَا فَاسِقٌ لاَ بِعَيْنِهِ، وَلَوْ شَهِدَ رَجُلاَنِ مِنْ أَحَدِ الفَرِيقَيْنِ أَيُّهُمَا كَانَ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا» (١).
عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ:
ثم قال عن العَمْرَوِيَّةِ، هم أتباع عمرو بن عبيد: «وَزَادَ عَمْرُو عَلَى وَاصَلَ فِي هَذِهِ البِدْعَةِ، فَقَالَ بِفِسْقٍ كِلْتَا الفِرْقَتَيْنِ المُتَقَاتِلَتَيْنِ يَوْمَ الجَمَلِ، فَلَمْ يَقْبَلْ شَهَادَةَ أَحَدٍ مِنَ الفَرِيقَيْنِ، وَقَدْ افْتَرَقَتْ القَدَرِيَّةُ (المُعْتَزِلَةُ) بَعْدَ وَاصِلَ وَعَمْرَو فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ النَظَّامُ وَمَعْمَرٌ وَالجَاحِظُ فِي فَرِيقَيْ يَوْمَ

(١) " الفرق بين الفرق ": ص ٧١ - ٧٢.

1 / 157