السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق

مصطفى السباعي ت. 1384 هجري
115

السنة ومكانتها للسباعي ط الوراق

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

سنة ٢٠٠٠ م

تصانيف

إِلاَّ رِوَايَةً وَاهِيَةً عَنْ مَجْهُولٍ إِلَى مَجْهُولٍ يُكَنَّى أَبَا الْحَمْرَاءِ لاَ نَعْرِفُ مَنْ هُوَ فِي الْخَلْقِ». قال ابن أبي الحديد (١): «وَاعْلَمْ أَنَّ الآثَارَ وَالأَخْبَارَ فِي هَذَا البَابِ كَثِيْرَةٌ جِدًّا، وَمَنْ تَأَمَّلَهَا وَأَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَصٌّ صَرِيحٌ وُمَقْطُوعٌ بِهِ لاَ تَخْتَلِجُهُ الشُّكُوكُ وَلاَ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الاحْتِمَالاَتُ كَمَا تَزْعُمُ الإِمَامِيَّةُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الرَّسُولَ ﷺ نَصَّ عَلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - نَصًّا صَرِيحًا جَلَيًّا لَيْسَ بِنَصِّ يَوْمِ الغَدِيرِ وَلاَ خَبَرَ المَنْزِلَةِ وَلاَ مَا شَابَهَهُمَا مِنَ الأَخْبَارِ الوَارِدَةِ مِنْ طُرُقِهِ العَامَّةِ وَغَيْرِهَا، بَلْ نَصَّ عَلَيْهِ بِالخِلاَفَةِ وَبِإِمْرَةِ المُؤْمِنِينَ، وَأَمَرَ المُسْلِمِينَ أَنْ يُسَلِّمُوْا عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِهَا، وَصَرَّحَ لَهُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ المَقَامَاتِ بِأَنَّهُ خَلِيفَةً عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِهِ وَأَمَرَهُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لَهُ، وَلاَ رَيْبَ بِأَنَّ المُنْصِفُ إِذَا سَمِعَ مَا جَرَى لَهُمْ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّىَ اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ - يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هَذَا النَصَّ» اهـ. ٧ - اشتمال الحديث على إفراط في الثواب العظيم: على الفعل الصغير، والمبالغة بالوعيد الشديد على الأمر الحقير، وقد أكثر القصاص من مثل هذا النوع ترقيقًا لقلوب الناس وإثارة لتعجبهم، مثل «مَنْ صَلَّىَ الضُّحَى كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً أُعْطِيَ ثَوَابَ سَبْعِينَ نَبِيًّا» ومثل «مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ خَلَقَ اللهُ تَعَالَى لَهُ طَائِرًا لَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ لِسَانٍ سَبْعُونَ أَلْفَ لُغَةٍ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ». هذه أهم القواعد التي وضعها العلماء لنقد الحديث ومعرفة صحيحه من موضوعه، ومنه ترى أنهم لم يقتصروا في جهدهم على نقد السند فقط أو يوجهوا جل عنايتهم إليه دُونَ المتن، كما سيأتي في زعم بعض المُسْتَشْرِقِينَ ومشايعيهم، بل كان نقدهم مُنْصَبًّا على السند والمتن على السواء، ولقد رأيت كيف جعلوا لأمارات الوضع أربعًا منها في السند، وسبعًا

(١) " شرح نهج البلاغة ": ١/ ١٣٥.

1 / 120