السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية
الناشر
مكتبة العلوم والحكم
رقم الإصدار
السادسة
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
وإما عارية وإما هبة، فإن وجدوا ذلك فيها وإلا طافوا بالبيت عرايًا، وفرضوا على نساء العرب مثل ذلك، غير أن المرأة كانت تطوف في درج مفرج القوائم والمآخير"، وهكذا ابتدعوا وشرعوا ما لم يأذن به الله مع ادعائهم أنهم على شريعة أبيهم إبراهيم ﵇!!.
وكان تصورهم لله فيه قصور ونقص، فهم ينحرفون عن الحق في أسمائه وصفاته " ﴿وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾ " (١) فينكرون بعض صفاته ويسمونه بأسماء لا توقيف فيها أو بما يوهم معنى فاسدًا، وينسبون بعض صفاته ويسمونه بأسماء لا توقيف فيها أو بما يوهم معنى فاسدًا، وينسبون إليه النقائص كالولد والحاجة، فزعموا أن الملائكة بنات الله، وجعلوا الجن شركاء له سبحانه " ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ﴾ " (٢) " ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ﴾ " (٣)، وجحدوا القدر واحتجوا به على الله تعالى " ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ﴾ " (٤). ومن معتقداتهم إنكار البعث " ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾ " (٥)، فعبادتهم لإله وتقربهم للأصنام بالقرابين والنذور ليس من أجل الآخرة بل لتحقيق مطالب دنيوية مثل زيادة الأموال ودفع الشر والضرر عنهم في هذه الدنيا إذ لا علم لهم بالآخرة. ويستثنى من عموم المنكرين للبعث عدد ممن كانوا يقولون بالبعث من الشعراء الجاهليين وغيرهم، ولم تنقل الأخبار تصور هؤلاء لما يقع بعد البعث، وكانوا ينسبون النوازل - ومنها الموت - إلى الدهر (﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ﴾) (٦).
_________
(١) الأعراف:١٨٠.
(٢) الأنعام:١٠٠.
(٣) النحل: ٥٧.
(٤) الأنعام: ١٤٨.
(٥) النحل: ٣٨.
(٦) الجاثية: ٢٣.
1 / 85