السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية
الناشر
مكتبة العلوم والحكم
رقم الإصدار
السادسة
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م
مكان النشر
المدينة المنورة
تصانيف
غرة أما كتب السيرة فتذكر أنه أنذرهم وأنهم تأهبوا لقتاله وقاتلوه على ماء المريسيع.
ففي مثل هذا الحال نحتاج إلى فهم موقف الإسلام من إنذار العدو وسوف نطالع ثلاثة آراء للعلماء:
الأول: يقول بعدم الوجوب مطلقًا وهو رأي حكاه المازري والقاضي عياض.
الثاني: يقول بالوجوب مطلقًا. وإلى هذا الرأي ذهب الإمام مالك وآخرون.
الثالث: يقول بالوجوب سنة لمن لم تبلغهم الدعوة وعدم الوجوب بالسنة لمن بلغتهم. وإلى هذا الرأي ذهب الأئمة أبو حنيفة والشافعي وأحمد وأتباعهم وهو الراجح (١).
وبما أن بني المصطلق ممن بلغتهم الدعوة فإن رواية الإمام البخاري في مهاجمة الرسول ﷺ لبني المصطلق على غرة منسجمة مع هذا الرأي الراجح، ولا داعي إلى ترجيح رواية ابن إسحق وبقية كتاب السيرة عليها بحجة أنها أكمل وأن رواية البخاري تخالف النص القرآني ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ ...﴾ (٢).
٤ - التعديل في بعض الموضوعات المتعلقة بالسيرة والتي لم تهضمها الدراسات المعاصرة المعتمدة على كتب السيرة والتواريخ فقط مثلًا "نظام المؤاخاة" و"الوثيقة التي كتبها النبي ﷺ كدستور للمدينة أول الهجرة" ....
ولكن ينبغي أن لا نبالغ في حجم التعديل الذي سيحدث في صورة السيرة كما تظهر عند كتاب السيرة القدامى وكما عرفها المسلمون في خلال الأربعة عشر قرنًا.
_________
(١) راجع نيل الأوطار للشوكاني ٧/ ٢٦٢.
(٢) سورة الأنفال ٥٨.
1 / 43