167

السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية

الناشر

مكتبة العلوم والحكم

رقم الإصدار

السادسة

سنة النشر

١٤١٥ هـ - ١٩٩٤ م

مكان النشر

المدينة المنورة

تصانيف

لقد أرسلت قريش عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة يحملان الهدايا إلى النجاشي وبطارقته، فقابلا النجاشي طالبين إليه إعادة من هاجر من المسلمين، فأرسل النجاشي إلى المسلمين فسألهم عن دينهم، فقال جعفر بن أبي طالب ﵁: "أيها الملك كنا قومًا على الشرك، نعبد الأوثان ونأكل الميتة، ونسئ الجوار، ونستحل المحارم، بعضنا من بعض في سفك الدماء وغيرها، لا نحل شيئًا ولا نحرمه. فبعث الله إلينا نبيًا من أنفسنا نعرف وفاءه وصدقه وأمانته، فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له، ونصل الرحم، ونحسن الجوار، ونصلي ونصوم، ولا نعبد غيره".
فقال: هل معك شئ مما جاء به - وقد دعا أساقفته فأمرهم فنشروا المصاحف حوله.
فقال جعفر: نعم.
قال: هَلُمَّ فاتلُ عليَّ ما جاء به.
فقرأ عليه صدرا من كهيعص (١)، فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم.
ثم قال: إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى انطلقوا راشدين.
ولما أخفقت محاولة وفد قريش في استعادتهم، أثار عمرو بن العاص في اليوم التالي موقف المسلمين من عيسى ﵇، فقال للنجاشي: أيها الملك إنهم يقولون في عيسى قولًا عظيمًا.
فأرسل النجاشي إليهم فسألهم فقال له جعفر: نقول هو عبد الله ورسوله وكلمته وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول.
فقال النجاشي: ما عدا عيسى بن مريم مما قلت هذا العود.

(١) يعني سورة مريم.

1 / 173