الهمة طريق إلى القمة
الناشر
دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤١٥ هـ - ١٩٩٥ م
مكان النشر
جدة - المملكة العربية السعودية
تصانيف
أولًا: تحقيق كثير من الأمور مما يعده عامة الناس خيالًا لا يتحقق:
وهذا الأمر مشاهد معروف عند أهل الهمم، إذ يستطيعون - بتوفيق الله لهم أولًا، وبهمتهم ثانيًا - إنجاز كثير من الأعمال التي يستعظم بعضَها من قعدت به همته ويظنها خيالًا.
وأعظم مثال على هذا سيرة المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، إذ المعروف عند أهل التواريخ أن بناء الأمم يحتاج إلى أجيال لتحقيقه، لكنه ﷺ استطاع بناء خير أمة أُخرجت للناس في أقلَّ من ربع قرن، واستطاعت هذه الأمة أن تنير بالإسلام غالب الأجزاء المعروفة آنذاك، وجهاده ﷺ وعمله وهمته العالية في بناء الأمة أمرّ معروف، وهو مما تقاصر عنه أطماع أهل الهمّة العالية وخيالاتهم وما يتطلعون إليه.
والصدِّيق ﵁ استطاع - في أقل من سنتين - أن يخرج من دائرة حصار المرتدين، ولم يمت إلا وجيوشه تحاصر أعظم إمبراطوريتين في ذلك الوقت، هذا وقد نهاه كبار الصحابة عن حرب المرتدين وظنوا أنه لا يستطيع أن يقوم في وجه العرب كلهم، ولكن همته العالية أبَتْ عليه ذلك واستطاع أن ينجز ما ظنه الناس خيالًا لا ينجز.
وقس على هذا أمر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب ﵁ حتى أنه من عظمة همته في طلب الحق قال له علي ﵁:
«لقد أذللت الخلفاء من بعدك يا أمير المؤمنين» (١).
_________
(١) تاريخ عمر بن الخطاب، ابن الجوزي.
1 / 28