النهار، ومن لم ير ذلك في عقله وفطرته فليتهمهما» (١).
ولهذا لم يرد في كتاب الله وسنة رسوله إطلاق التقليد على أتباع الأنبياء لا لفظًا ولا حقيقةً، وإنما ذمَّ الله ﷾ الكفار الحائدين عن دعوة الرسل بأنهم مقلدون لأسلافهم متابعون لهم بالباطل، بل إن الله تعالى سمى إسلام المشركين توبةً فقال: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ [التوبة: (٥)].
وأمر اليهود والنصارى بالتوبة التي هي الرجوع إلى الإسلام فقال بعد قوله: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [المائدة: (٧٢)]. وقوله: ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ [المائدة: (٧٣)]. قال: ﴿أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [المائدة: (٧٤)]. وما ذلك إلا لأنهم خرجوا عن دين أنبيائهم (التوحيد) إلى هذا الكفر.
ولولا ما التزمناه من الاختصار لأفضنا في هذه المسألة، غير أننا نرجو أن تكون قد اتضحت.
فإن قيل: إن بعض الأشاعرة رجح أن أول واجب هو المعرفة، كما قال في الجوهرة:
وَاعْلَمْ بِأَنَّ أَوَّلًا مِمَّا يَجِبْ ... مَعْرِفَةً وَفِيهِ خُلْفٌ مُنْتَصِبْ
_________
(١) مدارج السالكين (١/ ٦٠) تحقيق حامد الفقي.
1 / 36