المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها

عبد الله العفيفي ت. 1364 هجري
66

المرأة العربية في جاهليتها وإسلامها

الناشر

مكتبة الثقافة

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٥٠ هـ - ١٩٣٢ م

مكان النشر

المدينة المنورة - المملكة العربية السعودية

تصانيف

كل ذلك وأمثاله مما جعل نساء العرب يَشْخَصْن بأبصارهن، ويرمين بأمانيهن، إلى أبنائهن. إن حَسْب الطفل أن يضطرب في أحشاء أُمه حتى يدعوها إلى الإطراق الطويل، والتفكير الكثير، وربما هاج ذلك ضربًا من الخيال ينبعث من أعماق صدرها فيثير دمها، ويرهف حسَّها، ويتمثل بين مسارب سمعها صوتًا واضح المنطق، فياض المعاني: يسوق لها البشرى، ويضيء بين يديها مناهج الأمل، ويهديها إلى خير العمل، فتحسب ذلك هاتفًا يهتف بها. وما هو إلا صوت القلب يشدو بإيقاع الأماني. وأكثر ما يستمع النساء الهواتف إذا هدأت عيونهن، فيستيقظن على صوته. وقد يستمعنه وهن يقظات. وممن سمعن الهاتف ووعينه ليلى بنت مُهلهل أم عمرو بن كلثوم. هتف بها الهاتف حين حملت بابنها فقال لها: ياَ لك لَيلى من ولد ... يُقدِم إقدام الأسد من جُشَم فيه العدد ... أقول قولًا لا فَنَد فلما استكمل وليدها سنة أتاها ذلك الآتي حين اشتمل عليها الليل فأشار إلى الطفل وقال: إني زعيم لك أمَّ عمرو ... بماجِدِ الجَدَّ كريم النَّجْرِ أشجع من ذَي لَبِدٍ هزَبْر ... وَقَّاص آدابٍ شديد الأسر يسودهم في خمسة وعشر

1 / 70