منهج ابن الأثير الجزري في مصنفه النهاية في غريب الحديث والأثر
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة
تصانيف
وفي حديث عثمان (١): "وأنا أشرب ماء المِلْح". يقول: "ماء مِلْح إذا كان شديد الملوحة، ولا يقال: مالح، إلا على لغةٍ ليست بعالية".
وكان صاحب"النهاية"- وهو الخبير بمفردات اللغة واشتقاقاتها وأوزانها- يتذوَّق الكلمة، ويلمح ما تحمله من سعة في دلالاتها، وامتداد في تأثيرها، فيحكم على هذا الوزن - أو هذه اللفظة - بأنه أبلغُ من قَسيمه.
يقول في أسماء الله تعالى الرحمن الرحيم (٢): "وهما من أبنية المبالغة، ورحمن أبلغ من رحيم، والرحمن خاصٌّ لله لايُسَمَّى به غيره، ولا يُوصف، والرحيم يوصف به غيرُ الله تعالى، فيُقال: رجل رحيم، ولا يُقال: رحمن".
وقد يلحظ صاحب"النهاية"أنَّ اللفظ الغريب الذي يتحدث عنه ينتمي إلى أسرة لغوية عُرِفَتْ في مصنفات اللغويين بالأضداد، فيشير إليها، ويحيط بدلالتها، ومن ذلك حديث (٣): "كان يبدو إلى هذه التِّلاع"، فيقول: "التِّلاع: مسايل الماء من عُلْوٍ إلى سُفْل، واحدها تَلْعَة. وقيل: هو من الأضداد يقع على ما انحدر من الماء وأشرف منها".
وفي حديث ابن مسعود (٤): "كنَّا عند النبي ﷺ ذات ليلة فَأَكْرَيْنَا في الحديث". أي: أَطَلْنَاه، يقول: "وأكرى من الأضداد، يقال: إذا طال وقَصُرَ، وزادَ ونقص".
(١) النهاية: ٤ / ٣٥٥. (٢) النهاية: ٢ / ٢١٠. (٣) النهاية: ١ / ١٩٤. (٤) النهاية: ٤ / ١٧٠.
1 / 52