منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن
تصانيف
ثم قَال: فَإذا كَان ذَلك كَذلك، فَبَيِّنٌ صِحَّة مَا قُلْنا في قَولِه: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) وأنه مَنْسُوخ (^١).
"وأكْثَر الأقَاويل عَلى أنَّهَا مَنْسُوخَة بِقَولِه: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة: ٥] " (^٢).
وضَعَّف ابنُ عَطية قَوْل عَطَاء في أنَّ الآيَة مُحْكَمَة، فَقَال: وقَال الزُّهْرِي ومُجَاهِد وغَيْرُهما: قَوله: (قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) مَنْسُوخ بِقَولِهِ: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) [التوبة: ٣٦] وبِقَولِه: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) [التوبة: ٥].
وقال عَطَاء: لم تُنْسَخ، ولا يَنْبَغِي القِتَال في الأشْهُر الْحُرُم؛ وهَذا ضَعِيف (^٣).
وذَكَر ابن الجوزي القَولَين، فَقَال: اخْتَلَف العُلَمَاء في تَحْريم القِتَال في الأشْهُر الْحُرُم، هَلْ هُو بَاقٍ أم نُسِخ؛ على قولين:
أحدهما: أنه بَاقٍ.
والثاني: أنه مَنْسُوخ.
وهذا قَول فُقَهَاء الأمْصَار (^٤).
في حين اقْتَصَر على القَوْل بالنَّسْخ في "الْمُصَفَّى بأكُفّ أهْل الرّسُوخ مِنْ عِلْم النَّاسِخ والْمَنْسُوخِ" (^٥).
(^١) جامع البيان، مرجع سابق (٣/ ٦٦٢ - ٦٦٤) باختصار. (^٢) قاله الزمخشري في الكشاف (ص ١٢٦) وقد ذَكَر بقية الأقوال في المسألة. (^٣) المحرر الوجيز، مرجع سابق (١/ ٢٩٠). (^٤) زاد المسير (١/ ٢٣٧) باختصار. (^٥) (ص ١٨).
1 / 67