176

منهج القرطبي في دفع ما يتوهم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع لإحكام القرآن

تصانيف

عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) لَيْس هَذا تَكْرِيرًا، ولَكِنّ أحَد العِلْمَينِ لِوُقُوعِها، والآخَر لِكُنْهِها (^١). مُلخَّص جواب القرطبي: ١ - الْمَعْنَى: يَسْألُونَك كَأنك حَفِيّ بالْمَسْألة عنها. ٢ - على التَّقْدِيم والتَّأخِير: والْمَعْنَى: يَسْألُونك عَنها كَأنك حَفِيّ بهم. ٣ - ليس في الآية تِكْرَار، لأنَّ قَولَه: (قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي) لِوُقُوعِها، وقوله: (قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ) لكُنْهِها وحَقِيقَتِها. مُقارنة جوابه وجمعه بين الآيات بجمع غيره من العلماء: قال قتادة: قَالَتْ قُريش للنَّبِيِّ ﷺ: نَحْن أقْرِباؤك فأسِرَّ إِلَيْنَا مَتَى السَّاعَة، فأنْزَل الله جَلَّ وَعَزَّ: (يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا) أي: حَفِيّ بهم. والْمَعْنَى عَلى هذا: التَّقْدِيم والتَّأخِير، أي: يَسْألُونَك عَنها كَأنك حَفِيَّ لهم، أي: فَرِحٌ لِسُؤالِهم (^٢). قال ابن جرير: يَقول تَعالى ذِكْرُه: يَسألُك هَؤلاء القَوم عن السَّاعَة كَأنك حَفِيّ عنها. فقال بَعضهم: يَسْألُونَك عنها كَأنك حَفِيّ بهم، وقَالُوا: مَعْنى قَوله: (عَنْهَا) التَّقْدِيم، وإن كَان مُؤَخَّرًا. وقال آخَرُون: بل مَعْنى ذَلك كَأنك قَدْ اسْتَحْفَيْتَ الْمَسألة عَنها، فَعَلِمْتَها.

(^١) الجامع لأحكام القرآن، مرجع سابق (٧/ ٢٩٤). (^٢) معاني القرآن، مرجع سابق (٣/ ١١٢).

1 / 176