فكرة الإفريقية الآسيوية
محقق
(إشراف ندوة مالك بن نبي)
الناشر
دار الفكر
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م
مكان النشر
دمشق سورية
تصانيف
لنا مقاول نقل البترول مسيو جورجيس هوليوس (Gorges Helios) الذي كلفته الشركة الإيرانية الجديدة بتوزيع البترول المؤمم، ترك لنا معلومات ترينا كيف نهب الشعب الإيراني ماديًا وأدبيًا في أسابيع معدودة، قال: «لقد عشت أسابيع غير عادية، حيث سيطر الفرس على ثروة أراضيهم، في غمرة انفجار للعظمة الوطنية، ولكن مستودعات البترول فاضت بسرعة خاطفة، وبذلك توقف الانتاج ...» ثم يفسر المقاول إخفاقه وفشله فيما كلف به، فيقص علينا أنه صادف خلال تلك الأسابيع أبوابًا مغلقة في جميع خطواته لتوزيع البترول على السوق العالمية، ولتوفير وسائل نقله، فشركة شل ترفض تأجير ناقلتين، وشركة فرنسية للنقل النهري ترفض أن تؤجر له أو تبيعه أسطولًا من السفن النهرية الصغيرة، وحين فاتح أحد رجال الصناعة بفرنسا لينتهز فرصة سوق مربحة إلى أقصى حد، قال له بكل وقاحة: «إن ثمنه مؤثرًا جدًا على ما فيه من تواضع ورخص» ولكن رجل الصناعة امتنع عن معاملة السوق، لأن هذه السوق لم تعد تخضع- كما نرى- لمجرد القانون الاقتصادي للعرض والطلب بل لقانون آخر .... هو قانون الاستعمار المشترك.
والواقع أنه إذا لم تكن المشكلة قد وجدت حلًا على يد مصدق، فإنها لم تكن لتحل أيضًا على يد إنجلترا، أو على الأقل ...... على يد إنجلترا وحدها. فحكومة واشنطن هي التي ساعدتها، اعتمادًا على الاتحاد الأمريكي لشركات البترول.
لقد تحدثنا فيما مضى عن بعض الأخلاق الجذبية التي تجعل فضائل الغرب دون إشعاع خارج نطاق معين، هو بكل صراحة نطاق الجنس الأبيض. هذا الاعتبار يمتد أيضا إلى المجال القانوني؛ فلقد كشفت مسألة البترول الإيراني عن وجود قوانين جذبية يعدّ تأثيرها باطلًا خارج النطاق المحلي. ونحن نعرف في إفريقية الشمالية شيئًا من هذا، فلقد أجاب وزير اشتراكي على استجواب لأحد النواب عم فضيحة الانتخابات المزورة في الجزائر، فلفت نظر المستجوب إلى أن الحكومة الفرنسية لم تعلق مطلقًا أهمية على هذه الانتخابات.
1 / 66