ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين (سورة الأحقاف).
وقال:
قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون (سورة الأنعام).
فلم يأتوا بكتاب، ولم يخرجوا علما، ولم يردوا أو ينقلوا شيئا من هذا بعد تحدي القرآن مرات عدة، وهم الذين نقلوا كل شيء وجدوه حتى أخبار الخيل والكلاب والغول والعنقاء والأفاعي، وكانوا بسبب جاهليتهم ووثنيتهم وأميتهم ضعفاء مفككين، فلم يستطيعوا أن يحتفظوا باستقلالهم أمام معاصريهم، فاستولى الفرس والرومان على بلادهم المجاورة للدولتين، واستولت الحبشة على اليمن فاستغاث أهله بالفرس فأغاثوهم، وانتهزوا ضعفهم فاحتلوا بلادهم إلى أن أجلاهم الإسلام عنها وحررها كما حرر العراق وغسان.
فثورة الإسلام وحدها هي التي وحدت قبائل العرب، وأسقطت ما بينهم من فروق القبائل ومن ضغائن، وهي التي رفعت عنهم طابع الأمية ودفعتهم لطلب العلم دفعا لا هوادة فيه؛ فكانت ثورة وطنية استقلالية ودينية، قال محمد
صلى الله عليه وسلم : «لقد أذهب الله عنكم رجس الجاهلية وتفاخر آبائها.»
نعم، قد جاء في القرآن الكريم بضع آيات تدل على شبه حضارة بائدة تجمع بين العبث والبطش وتوهم الخلود؛ لقوله تعالى:
أتبنون بكل ريع آية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون * وإذا بطشتم بطشتم جبارين * فاتقوا الله وأطيعون * واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون * أمدكم بأنعام وبنين * وجنات وعيون (سورة الشعراء).
فهذه الآيات منصبة على قوم عاد البائدين. وجاء في حق ثمود:
أتتركون في ما هاهنا آمنين * في جنات وعيون * وزروع ونخل طلعها هضيم * وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين (سورة الشعراء).
صفحة غير معروفة