وأصدق المصادر في الأنباء عن حياة العرب قبل البعثة المحمدية هو القرآن نفسه بإجماع آراء المؤرخين والباحثين من علماء المشرقيات وكتاب العرب، ثم الأمثال والقصص؛ فالقرآن يقول:
هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين (سورة الجمعة).
وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم .
قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ؛ حكاية على لسان اليهود.
لقد جاءكم رسول من أنفسكم (سورة التوبة).
وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون (سورة العنكبوت).
أما القصص والأمثال فتدل كلها على حال البداوة والأمية. وأما الشعر الجاهلي - وهو لون من الأدب الشعبي - فلا ريب فيه، ولكنه لا يستطاع الاحتجاج به، ولا يدل على وجود الفن الأدبي كما لا يدل كل شعر لأمة أمية على وجود هذا الفن لديها.
فشعر هوميروس في الإلياذة كان مرويا ومحفوظا لأنه كان كفيفا ينظم ويستظهر ولا يكتب. شعر جنوب فرنسا «بروفنس» كان مرويا ينشده الشعراء في المحافل، وقد سجله وخلده شاعرهم القومي ميسترال الذي أقاموا له تمثالا في حياته. وفي صعيد مصر وريفها شعراء أميون يقولون الشعر موزونا مقفى ويتناولون شئون الحياة المفرح منها والمحزن، ولكن لم يقل أحد بأنهم على شيء من الأدب أو الفن، وعلى الرغم من انتشار التعليم في مصر، لم يعن أحد من الأدباء بتسجيل أشعارهم؛ لأن هؤلاء الناظمين الأميين يضنون ببضاعتهم على من لم يكن من بيئتهم، وكان الله بالسر عليما، فهو يتحدى العرب المعاصرين للنبي
صلى الله عليه وسلم
بقوله المبين:
صفحة غير معروفة