ولما لم ينبس أحد رجع يقول: كانت خرجة مشئومة، لماذا فكرتم في الخروج؟
فقال رجب بصوت حاد: علينا أن ننسى الماضي.
أجل لننس ولكن وجوهكم لا تريد أن تنسى. ونفخت سمارة قائلة: كيف ننسى ووراءنا قتيل!
فقال بصوت أجش: لذلك يجب أن ننسى. - ولكنه فوق المستطاع.
رماها بنظرة طويلة. لا يدري أحد بما يدور في رأسه، ولا يدري أحد عن محنة الحب شيئا. ترى أتسوء الأمور أكثر مما ساءت؟ وقلب رجب عينيه في الوجوه، ثم قال: خمنت ما سيحدث هنا من قبل أن أحضر، ونحن الآن على بعد من الحادث يتيح لنا التفكير في هدوء فعلينا أن نتكاشف.
فقال علي السيد في ضجر: ألم نعتبر كل شيء منتهيا؟ - يبدو أن لسمارة رأيا آخر!
فقالت سنية بقلق: لا تعودوا إلى ذلك الحديث، إني منهارة تماما.
وقالت ليلى: قضيت ليلة جهنمية وأمامنا عذاب طويل، حسبنا ذلك! - ولكن يبدو - كما قلت - أن لسمارة رأيا آخر.
التفت علي السيد نحو سمارة وقال بنبرة رزينة حزينة: سمارة، خبريني عما ترين، جميعنا محزونون معذبون، لم يذق أحدنا النوم، ليس بيننا من يحب القتل، أو حتى يتصوره، ونحن نشاركك عواطفك، وقد حز في نفوسنا الخبر، رجل مسكين لعله من مهاجري الريف، مجهول بلا أهل، ولا سبيل أمامنا لإصلاح الخطأ، هل من سبيل؟ إذا ظهر له أهل فسنجد وسيلة لتعويضهم، ولكن ما العمل الآن؟
لم تنبس ولم ترفع إليه عينا، فواصل حديثه: لعلك تقولين لنفسك إن الواجب واضح. من الناحية النظرية هذا حق، كان يجب أن نتوقف لا أن نهرب، وعندما نتأكد من موته نمضي من فورنا إلى النقطة وندلي باعترافنا، ثم نقدم للمحاكمة لينال كل جزاءه، أليس كذلك؟
صفحة غير معروفة