ونشت سحابة شرهة وهي تقول إشباعا لحب الاستطلاع الذي اكتنفها: ضبطته يغازل جارة جديدة! - يا خبر أحمر! - ولعلع صوتي حتى سمعه سابع جار! - برافو! - وتركت البنت والأولاد وذهبت إلى أختي في المعادي. - أمر مؤسف ولكنه ضروري لتجديد الحياة الزوجية. - وأول ما خطر لي بعد ذلك أن أزور عوامتي. - عين الصواب، والعين بالعين.
وأومأ مصطفى راشد إلى علي السيد وهو يقول لها: جاء دور الزوج الاحتياطي.
وتساءل أنيس غاضبا: لماذا لا يكون دوري أنا هذه المرة؟
فقال علي السيد ملاطفا: ولكني احتياطي سنية كامل منذ قديم. - وأنا! - أنت سيدنا وتاج رأسنا وولي نعمتنا، ولو كنت تهتم بالحب لكان لك منه ما تشاء وأكثر. - أنت كاذب.
فأشار إلى الجوزة قائلا: بل لا وقت عندك للحب. - أوغاد! سأقص عليكم ما حصل لي مع المدير العام. - لكنك قصصته بتفاصيله، أنسيت يا ولي النعم؟! - أوغاد. هذا يعني أن الحياة ستمضي قبل أن نستوعب ما يمر بنا.
ودارت الجوزة مختصة سنية كامل برعاية أكبر بصفتها لم تنسطل من رمضان الماضي. وقال أنيس لنفسه إنها سمراء وعصبية وتحب الضحك، ولا تنسى أولادها حتى في غيبوبة الحب والسطل، وتعود في النهاية إلى زوجها، لكنها تعاشره وتهجره عاما، وتهجره عاما، وتقسم دائما أن الحق عليه. وجاء بها رجب أول مرة، كما جاء يوما بليلى زيدان؛ ذلك أنه إله الجنس وممون عوامتنا بالنساء. عرفت له جدا قديما كان يسعى في الغابات قبل أن يقام بناء واحد على ظهر الأرض. كان يدفن في أحضان النساء مخاوفه من الحيوان والظلام والمجهول والموت. كان له رادار في عينيه وراديو في أذنيه وقنبلة مجسمة في قبضة يده. وحقق انتصارات عجيبة قبل أن يتهاوى هالكا، وأما حفيده رجب ...
واهتزت العوامة، وترامى صوت رجب القاضي وهو يقول مخاطبا شخصا معه: «على مهلك يا عزيزتي.»
حل في نظراتهم الاهتمام، فتمتم خالد: لعلها ممثلة جاء بها من الاستوديو.
وظهر من وراء البارافان رجب بقوامه الممشوق وسمرته الداكنة وقسماته الرشيقة، تتقدمه فتاة دون العشرين عمرا، سمراء، تنتظم وجهها المستدير قسمات صغيرة دقيقة تنطق بالخفة. ولا شك أنه قرأ في وجوه أصدقائه دهشة لحداثة سنها، فقال باسما بنبرته الموسيقية: آنسة سناء الرشيدي، طالبة بكلية الآداب.
4
صفحة غير معروفة