إلى أين أمضي؟! فقال له أبو حمزة: إلى من أوصى؟ قال: إلى ثلاثة، أولهم أبو جعفر المنصور، وإلى ابنه عبد الله، وإلى ابنه موسى.
فضحك أبو حمزة، والتفت إلي وقال: لا تغتم فقد عرفت الإمام. فقلت: وكيف أيها الشيخ؟!
فقال: أما وصيته إلى أبي جعفر المنصور فستر على الإمام، وأما وصيته إلى ابنه الأكبر والأصغر فقد بين عن عوار الأكبر، ونص على الأصغر. فقلت: وما فقه ذلك؟ فقال: قول النبي (ص): «الإمامة في أكبر ولدك يا علي، ما لم يكن ذا عاهة» فلما رأيناه قد أوصى إلى الأكبر والأصغر، علمنا أنه قد بين عن عوار كبيره، ونص على صغيره، فسر إلى موسى، فإنه صاحب الأمر.
قال أبو جعفر: فودعت أمير المؤمنين، وودعت أبا حمزة، وسرت إلى المدينة، وجعلت رحلي في بعض الخانات، وقصدت مسجد رسول الله (ص) وزرته، وصليت، ثم خرجت وسألت أهل المدينة:
إلى من أوصى جعفر بن محمد؟ فقالوا: إلى ابنه الأفطح عبد الله فقلت: هل يفتي؟ قالوا: نعم.
فقصدته وجئت إلى باب داره، فوجدت عليها من الغلمان ما لم يوجد على باب دار أمير البلد، فأنكرت، ثم قلت: الإمام لا يقال له لم وكيف؛ فاستأذنت، فدخل الغلام، وخرج وقال: من أين أنت؟
فأنكرت وقلت: والله ما هذا بصاحبي. ثم قلت: لعله من التقية، فقلت: قل: فلان الخراساني، فدخل وأذن لي، فدخلت، فإذا به جالس في الدست على منصة عظيمة، وبين يديه غلمان قيام، فقلت في نفسي: ذا أعظم، الإمام يقعد في الدست؟! ثم قلت: هذا أيضا من الفضول الذي لا يحتاج إليه، يفعل الإمام ما يشاء، فسلمت عليه، فأدناني وصافحني، وأجلسني بالقرب منه، وسألني فاحفى (1)، ثم قال:
صفحة ٤٤١