لخير يراد بك.
أنبئك عن سفرك: خرجت في ليلة ضحياء (1)، إذ عصفت ريح شديدة اشتد منها ظلماؤها، وأطبقت سماؤها، وأعصر سحابها، وبقيت محرنجما (2) كالأشقر إن تقدم نحر، وإن تأخر عقر، لا تسمع لواطئ حسا، ولا لنافخ خرسا (3)، تدالت عليك غيومها، وتوارت عنك نجومها، فلا تهتدي بنجم طالع، ولا بعلم لا مع، تقطع محجة وتهبط لجة بعد لجة، في ديمومة قفر، بعيدة القعر، مجحفة بالسفر، إذا علوت مصعدا وأرادت الريح تخطفك، والشوك تخبطك، في ريح عاصف وبرق خاطف، قد أوحشتك قفارها، وقطعتك سلامها، فانصرفت فإذا أنت عندنا، فقرت عينك وظهر زينك (4)، وذهب أنينك».
قال: من أين قلت- يا غلام- هذا؟! كأنك قد كشفت عن سويداء قلبي، وكأنك كنت شاهدي، وما خفي عليك شيء من أمري، وكأنك عالم الغيب، يا غلام، لقني الإسلام.
فقال الحسن (عليه السلام): «الله أكبر، قل: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله».
فأسلم الرجل وحسن إسلامه، وسر رسول الله (ص)، وسر المسلمون وعلمه رسول الله (ص) شيئا من القرآن، فقال: يا رسول الله، أرجع إلى قومي وأعرفهم ذلك. فأذن له، فانصرف، ثم رجع
صفحة ٣١٨