في علم تفسير القرآن الكريم
هو علم باحث عن معنى نظم القرآن بحسب الطاقة البشرية، وبحسب ما تفتضيه القواعد العربية، ومبادئه العلوم العربية، وأصول الكلام، وأصول الفقه، والجدل، وغير ذلك من علوم جمة، والغرض منه معرفة معاني النظم بقدر الطاقة البشرية، وفائدته حصول القدرة على استنباط الأحكام الشرعية على وجه الصحة، والاتعاظ بما فيه من القصص والعبر، والاتصاف بما تضمنه من مكارم الأخلاق، إلى غير ذلك من الفوائد التي لا يمكن تعدادها لأنه بحر لا تنقضي عجائبه، سبحان من أنزله وأرشد به عباده، وموضوعه كلام الله سبحانه وتعالى الذي هو منبع كل حكمة ومعدن كل فضيلة، وغايته التوصل إلى فهم معاني القرآن واستنباط حكمه للبلوغ إلى السعادة الدنيوية والأخروية، وشرف العلم وجلالته باعتبار شرف موضوعه وغايته، فهو أشرف العلوم وأعظمها، هذا ما ذكره أبو الخير وابن صدر الدين والأرنيقي والقنوجي .
أما المفسرون من الصحابة فمنهم الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن الزبير وأنس بن مالك وأبو هريرة وجابر وعبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهم، أما علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فإنه أكثر من روي عنه، والرواية عن الثلاثة في ندرة جدا، وأما ابن مسعود فروي عنه أكثر مما روي عن علي بن أبي طالب، وأما ابن عباس فهو ترجمان القرآن وحبر الأمة ورئيس المفسرين، وأما أبي بن كعب فإنه كان أقرأ الصحابة وسيد القراء.
وأما المفسرون من التابعين فمنهم أصحاب ابن عباس، وهم علماء مكة كمجاهد بن جبر المكي، وسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وطاوس بن كيسان اليماني، وعطاء بن أبي رباح، ومنهم أصحاب ابن مسعود وهم علماء الكوفة كعلقمة بن قيس والأسود بن يزيد وإبراهيم النخعي والشعبي، ومنهم أصحاب زيد بن أسلم كعبد الرحمن بن زيد ومالك بن أنس، ومنهم الحسن البصري وعطاء بن أبي سلمه ومحمد بن كعب القرظي ورفيع بن مهران والضحاك بن مزاحم وعطية بن سعيد وقتادة بن دعامة والربيع بن أنس والسدي.
ثم الطبقة الذين صنفوا كتب التفاسير التي تجمع أقوال الصحابة والتابعين، كسفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وشعبة بن الحجاج، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق، وآدم بن أبي إياس، وإسحاق بن راهويه، وروح بن عبادة، وعبد الله بن حميد، وأبي بكر بن أبي شيبة، وآخرين، ثم بعد هؤلاء طبقة أخرى، منهم عبد الرزاق وعلي بن أبي طلحة وابن جرير وابن أبي حاتم وابن ماجه والحاكم وابن مردويه وأبو الشيخ بن حبان وابن المنذر في آخرين، ثم انتصبت طبقة بعدهم إلى تصنيف تفاسير مشحونة بالفوائد، محذوفة الأسانيد، مثل أبي إسحاق الزجاج، وأبي علي الفارسي، وأبي بكر النقاش، وأبي جعفر النحاس، ومكي بن أبي طالب، وأبي العباس المهدوي، ثم ألف في التفسير طائفة من المتأخرين، فاختصروا الأسانيد، ونقلوا الأقوال بترا، فدخل من هنا الدخيل والتبس الصحيح بالعليل، ثم صار كل من سنح له قول يورده، ومن خطر بباله شيء يعتمده، ثم ينقل ذلك خلف عن سلف ظانا أن له أصلا غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح ومن هم القدوة في هذا الباب.
ثم صنف بعد ذلك قوم برعوا في شيء من العلوم، ومنهم من ملأ كتابه بما غلب على طبعه من الفن واقتصر فيه على ما تمهر هو فيه، كأن القرآن أنزل لأجل هذا العلم لا غير، مع أن فيه تبيان كل شيء، فالنحوي تراه ليس له شغل إلا الإعراب، وتكثير الأوجه المحتملة، وإن كانت بعيدة، وينقل قواعد النحو ومسائله وفروعه وخلافياته كالزجاج والواحدي في البسيط، وأبي حيان في البحر والنهر، والأخباري ليس له شغل إلا القصص واستيفاءها والأخبار عمن سلف سواء كانت صحيحة أو باطلة، ومنهم الثعلبي، والفقيه يكاد يسرد فيه الفقه جميعا، وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفرع الفقهية التي لا علاقة لها بالآية أصلا، والجواب عن الأدلة للمخالفين، كالقرطبي، وصاحب العلوم العقلية خصوصا الإمام فخر الدين الرازي قد ملأ تفسيره بأقوال الحكماء، وخرج من شيء إلى شيء؛ ولذلك قال بعض العلماء في الكبير كل شيء إلا التفسير، والمبتدع ليس له قصد إلا تحريف الآيات وتسويتها على مذهبه الفاسد، بحيث لو لاح له شاردة من بعيد اقتنصها، أو وجد موضعا له فيه أدنى مجال سارع إليه، كالزمخشري في الكشاف.
أما الكتب المصنفة في التفسير فثلاثة أنواع: وجيز، وسيط، وبسيط، ومن الكتب الوجيزة فيه زاد الميسر لابن الجوزي، والوجيز للواحدي، وتفسير الواضح للرازي، والشهير لابن حيان، والجلالين للسيوطي والمحلي، ومن الكتب المتوسطة الوسيط للواحدي، وتفسير الماتريدي، والتيسير لنجم الدين النسفي، والكشاف للزمخشري، وتفسير الطيبي، وتفسير البغوي، وتفسير الكواشي، وتفسير البيضاوي والمدارك للنسفي، ومن الكتب المبسوطة: البسيط للواحدي، وتفسير الراغب الأصفهاني، وتفسير أبي حيان المسمى بالبحر، والتفسير الكبير للرازي، وتفسير العلامي، وتفسير ابن عطية الدمشقي، وتفسير الخرقي، وتفسير الجوقي، وتفسير القشيري، وتفسير ابن عقيل، والدر المنثور للسيوطي، وتفسير الطبري لابن كثير، وفتح القدير للشوكاني، وروح المعاني للسيد محمود آلوسي زاده، والتفسير لأبي السعود. (1) مصنفات أهل الهند في التفسير
اعلم أن لأهل الهند مصنفات كثيرة في التفسير وما يتعلق به لا يمكن ضبطها، منها: البحر المواج للقاضي شهاب الدين الدولة آبادي بالفارسي في عدة مجلدات، اعتنى فيه ببيان التراكيب النحوية ووجوه الفصل والوصل وغير ذلك أشد اعتناء، ومنها تبصير الرحمن وتيسير المنان في تفسير القرآن بالعربية في أربعة مجلدات كبار للشيخ علاء الدين علي بن أحمد الشافعي المهائمي المتوفى سنة 835، وهو تفسير مفرد في حسن الإنشاء وإيراد اللطائف، وربط الآيات بعضها ببعض، وقد طبع بمصر القاهرة بأمر جمال الدين الوزير، ومنها نور النبي تفسير القرآن للشيخ حسين بن خالد الناگوري في مجلدات يشتمل على حل التراكيب النحوية وتوضيح المعاني، ومنها تفسير القرآن للشيخ محمد بن يوسف الحسيني الدهلوي المدفون بگلبرگه على لسان التصوف، ومنها تفسير القرآن على نهج الكشاف للشيخ محمد بن يوسف الدهلوي المذكور، ومنها كاشف الحقائق وقاموس الدقائق تفسير القرآن الكريم للشيخ أحمد بن محمد التهانيسري الگجراتي، ومنها النوربخشه تفسير القرآن للسيد أشرف بن إبراهيم السمناني ثم الكچهوچهوي، ومنها منبع عيون المعاني في أربعة مجلدات للشيخ مبارك بن الخضر الناگوري، ومنها تفسير القرآن للشيخ يعقوب بن الحسن الصرفي الكشميري ولم يتم، ومنها تفسير القرآن على نهج الجلالين للشيخ نعمة الله بن عطاء الله النارنولي ثم الفيروز پوري صنفه سنة 1070، وتفسير جهانگيري بالفارسي للشيخ نعمة الله المذكور، صنفه سنة 1072 لجهانگير بن أكبر شاه الدهلوي، ومنها تعريب البحر المواج للشيخ منور بن عبد المجيد اللاهوري.
ومنها مجمع البحرين للشيخ طاهر بن يوسف السندي ثم البرهانپوري، وهو على نهج الصوفية، ومنها مختصر المدارك للشيخ طاهر بن يوسف المذكور، ومنها أنوار الأسرار للشيخ عيسى بن قاسم بن يوسف السندي ثم البرهانپوري، يشتمل على حقائق القرآن ومعارفها بالعربية، ومنها الفتح المحمدي للشيخ عيسى بن القاسم السندي المذكور صنفه لولده فتح محمد، ومنها التفسير النظامي للشيخ نظام الدين بن عبد الشكور التهانيسري المتوفى سنة 1036، ومنها زيب التفاسير بالفارسي وهو ترجمة التفسير الكبير للرازي، صنفه صفي الدين الأردبيلي الكشميري بأمر زيب النساء بيگم، ومنها تفسير مرتضوي بالفارسي للشيخ زين الدين الشيرازي، صنفه بأمر نواب مرتضى خان البخاري سنة 1016، ومنها تفسير حسيني للشيخ يحيى بن محمود بن محمد الحسيني البخاري الگجراتي، ومنها سواطع الإلهام للشيخ أبي الفيض بن المبارك الناگوري، وهو في صنعة الإهمال، ومنها التفسير النوراني للسبع المثاني للشيخ نور الدين بن محمد صالح الگجراتي وله تفسير آخر مختصر، ومنها تفسير القرآن برواية أهل البيت للشيخ محمد بن جعفر الحسيني الگجراتي، ومنها تفسير القرآن على نهج الجلالين للشيخ محمد بن جعفر المذكور، ومنها تفسير القرآن للشيخ محمد معظم النابهوي، وقران القرآن بالبيان للشيخ كليم الله الجهان آبادي، صنفه سنة 1125، ومنها ثواقب التنزيل للشيخ علي أصغر بن عبد الصمد القنوجي مختصر كالجلالين، ومنها التفسير الصغير للشيخ رستم علي بن علي أصغر القنوجي، ومنها فتح الرحمن في تفسير القرآن للشيخ ولي الله بن عبد الرحيم الدهلوي وهو بالفارسي.
ومنها التفسير المظهري للقاضي ثناء الله الپاني پتي في سبعة مجلدات كبار بالعربية، اعتنى فيه بالفقه والتصوف والقراءة والإعراب أشد اعتناء، ومنها تفسير القرآن للشيخ أهل الله بن عبد الرحيم العمري الدهلوي، صنفه على سبيل الإيجاز بالعربي، ومنها التفسير المحمدي للشيخ فتح محمد الحسيني السيدانوي على لسان الحقائق والمعارف، وتفسير مصطفوي للشيخ غلام مصطفى بن محمد أكبر التهانيسري الدهلوي بالفارسي، صنفه سنة 1192، ومحكم التنزيل بالعربي للسيد محمد حكم بن محمد بن علم الله الحسني الحسيني الرائي بريلوي، وتفسير حسني بالفارسي للسيد محمد حكم المذكور، وتفسير القرآن للشيخ ولي الله الشاعر الدهلوي، وزبدة التفاسير للشيخ جان محمد اللاهوري في ثمانين كراسا، وتفسير مختصر للشيخ جمال الدين الگجراتي المتوفى سنة 1124 وتفسير نصيري كتاب آخر في التفسير للشيخ جمال الدين المذكور، وتفسير القرآن بالعربي للشيخ محمد هاشم التتوي السندي، ومنها نظم الجواهر بالفارسي في ثلاثة مجلدات للمفتي ولي الله بن أحمد علي الحسيني الفرخ آبادي، ومنها معدن الجواهر للشيخ ولي الله بن حبيب الله الأنصاري اللكهنوي ، ومنها فتح العزيز بالفارسي للشيخ عبد العزيز بن ولي الله العمري الدهلوي، الأول من الأول إلى قوله - تعالى:
صفحة غير معروفة