في الشعر الأردوي
اعلم أنها كانت لأهل الهند لغة تسمى سنسكرت، وفيها على زعمهم أربعة كتب سماوية، ولهم لغة أخرى يسمونها بهاشا، وهي الشائعة في محاوراتهم في معظم المعمورة، ولما ظهر الإسلام في الهند ووفد الناس إليه من بلاد العرب والعجم، نشأت في الهند من امتزاج اللغات المتنوعة لغة، فسموها «أردو»، وهذه اللغة تدرجت في الارتقاء حتى صارت في أيام شاهجهان بن جهانگير الدهلوي في غاية العذوبة والفصاحة، وكان الناس بدهلي ونواحيها مائلين إلى الشعر الفارسي، لا يرغبون إلى النظم في تلك اللغة، وكان إبراهيم عادل شاه البيجاپوري له شغف عظيم بالموسيقى واللغة الهندية التي يسمونها بهاشا، وصنف الكتب في تلك اللغة، واجتمع لديه جمع كثير من معاريف ذلك العصر، فاشتغل الناس بها، وكذلك في عهد ولده محمد عادل شاه البيجاپوري، ثم في عهد ولده علي عادل شاه البيجاپوري، وكان له ميل عظيم إلى أردو، فمال الناس إليه واشتغلوا بقرض الشعر فيه.
وصنف الشيخ نصرتي البيجاپوري، كتاب شاهنامه في فتوحات علي عادل شاه، وهو منظوم بالأردو، وله «گلشن عشق» مزدوجة أخرى بالأردو، وديوان شعر، ومنهم الشيخ هاشمي البيجاپوري له ديوان شعر ومزدوجة في قصة يوسف وزوليخا، وكان من الشعراء المفلقين في عصره، ومنهم ميرزان البيجاپوري وله يد بيضاء في المراثي، ومنهم الشيخ ولي الله الدگني، وله ديوان شعر حمل إلى دهلي في أيام محمد شاه الدهلوي، فرغب إليه الناس، فما قيل إن ولي الله الدگني أول من دون الشعر في كتاب، غلط فاحش. وعلى كل حال فإن الشعر بأردو كان قليلا نادرا بدهلي ونواحيها إلى زمن محمد شاه الدهلوي المذكور، لم يلتفت أحد منهم إليه حتى جاء ديوان الشيخ ولي الله المذكور، ثم تتابع الناس فيه طبقة بعد طبقة، ولكنهم كانوا مائلين إلى صنعة الإيهام، ثم ترك المتأخرون تلك الصنعة، وأول من تركها مرزا جانجانان العلوي الدهلوي، كما في طبقات الشعراء.
ومن الشعراء المفلقين في تلك اللغة كان مرزا رفيع سودا المتوفى سنة 1195، وكان ممن لا نظير له في الفنون الشعرية في زمانه، ومنهم مير محمد تقي الأكبر آبادي المتوفى سنة 1225، هو الأستاذ المشهور، وقد تفرق الناس في المفاضلة بينه وبين مرزا رفيع المذكور، والحق أن الأكبر آبادي دونه في الدقة، والمتانة، وتركيب الألفاظ، وإيراد المعاني البديعة، وفوقه وفوق كل واحد من الشعراء في النسيب، والتغزل، ومنهم الخواجة مير درد الدهلوي المتوفى سنة 1195، له ديوان شعر يلوح عليه أثر القبول، ومنهم إنشاء الله بن ما شاء الله النجفي المرشد آبادي المتوفى سنة 1235، له ديوان شعر يشتمل على أصناف الكلام، وكانت له قدرة غريبة على الشعر، ومنهم غلام همداني مصحفي المتوفى سنة 1224، له ثمانية دواوين، ومنهم السيد غلام حسن الدهلوي له ديوان شعر، وسحر البيان مزدوجة مشهرة له، ومنهم محمد إبراهيم ذوق الدهلوي المتوفى سنة 1271 لقبه بهادر شاه بملك الشعراء لعلو كعبه في قرض الشعر، ومنهم محمد مؤمن خان الدهلوي المتوفى سنة 1268 له ديوان الشعر متداول في أيدي الناس، ومنهم أسد الله خان الدهلوي الغالب المتوفى سنة 1258، قد بلغ في الشعر منزلة لا يرام فوقها، ومنهم إمام بخش اللكهنوي الناسخ المتوفى سنة 1254 وديوان شعره في مجلدين، ومنهم حيدر علي اللكهنوي المتلقب في الشعر بآتش له ديوان شعر، وفي كلامه عذوبة وحلاوة توفي سنة 1263، ومنهم نواب مرزا خان الدهلوي المتوفى 1322 المتلقب بداغ، لقبه صاحب الدكن بفصيح الملك، وظفه بألف ومائتي ربية شهرية، له ثلاثة دواوين ضخام في الشعر، ومنهم أمير أحمد مينائي اللكهنوي المتوفى سنة 1318 له ثلاثة دواوين في الشعر، ومنهم ألطاف حسين الپاني پتي المتوفى 1333 المتلقب بحالي، له ديوان شعر في مجلد ضخم، وكتاب في نقد الشعر، وهو ممن رفض التقليد فيه، وجدد مآثره، ونسخه على منوال الأوروبيين، ومنهم السيد أكبر حسين الإله آبادي المتوفى 1340، لقبوه بلسان العصر، وله ديوان ضخم، ومنهم السيد الوالد السيد فخر الدين الحسني، له دواوين تحمل عشرة آلاف بيت.
الفصل الرابع
في الشعر الهندي
أنت تعلم أن لأهل الهند لغة شائعة في محاوراتهم يسمونها «بهاشا»، وهي غير سنسكرت، وفي لغة بهاشا كتب مشهورة فيما بينهم، ونظمها في غاية الحلاوة والمطبوعية، يعرفها من له إلمام بهذه اللغة، ومن خصائصها أنهم يتغزلون على لسان المرأة، كأنها تعشق الرجل وتتغزل به، على عكس اللغة العربية، وقد مضى من أهل هذه اللغة رجال مشهورون في الفصاحة والبلاغة، كتلسي داس، وسور داس، وپدماكر، وپرهت ، وحكمت، وسنست، وكب گنگ، وگردهر، وگوردت، وگردهاري، وكبير، وخلق آخرون من أهل الهند غير المسلمين، وكلهم كانوا أيام الملوك الإسلامية.
أما الأسلاف منهم، فما وصل إلينا شيء من أخبارهم، وأما أهل الإسلام فإن منهم من فاق أحبار الهنود في هذه اللغة، وهم كثيرون؛ منهم مسعود بن سعد بن سلمان اللاهوري، وله ديوان شعر في تلك اللغة، ولكنه لم يصل إلينا من أشعاره شيء، ومنهم الأمير خسرو بن سيف الدين الدهلوي، وقد وصل إلينا من شعره قدر صالح، ومنهم رزق الله بن سعد الله الدهلوي المتوفى سنة 989 عم الشيخ عبد الحق المحدث، له پيمائن وجوت نرنجن كتابان في الهندية كما في أخبار الأخيار، ومنهم ملك محمد الجائسي، وهو الذي فاق أحبار الهنود في معرفة اللغة الهندية، وله ثلاثة كتب في بهاشا گندهاوت وچتراوت وپدماوت، أشهرها الثالث، ونظمه في غاية الحلاوة، صنفه سنة 947 كما في مهرجهانتاب للسيد الوالد، ومنهم شاه محمد البلگرامي، له يد بيضاء في معرفة اللغة الهندية وقدرة غريبة على الشعر كما في سرو آزاد، ومنهم نظام الدين البلگرامي كان يتلقب في الشعر بمدهنايك وله أبيات رقيقة رائقة في الهندي، كما في سروآزاد، ومنهم رحمة الله بن خير الدين البلگرامي المتوفى سنة 1118، وهو أيضا من الشعراء المجيدين في الهندية كما في سروآزاد، ومنهم غلام نبي البلگرامي المتوفى سنة 1163، له ديوان شعر يسمى «بانگ درپن» كما في سروآزاد، ومنهم الشيخ بركة الله المارهروي المتوفى سنة 1142، له ديوان شعر بالهندية يسمى «پيم پركاش»، وله رسالة في الأمثال الهندية على لسان المعرفة كما في مآثر الكرام.
ومنهم الشيخ عضد الدين الأمرهوي، كان من العلماء الماهرين بسنسكرت فضلا عن بهاشا، وله مصنفات في تلك اللغة، منها حكم الطريقة كما في نخبة التواريخ، ومنهم قاسم بن أمان الله الدريابادي، له «هنس جواهر» منظومة في بهاشا، صنفه سنة 1149، كما في مهرجهانتاب، ومنهم الشيخ كاظم القلندر الكاكوروي، له ديوان شعر مقبول متداول بأيدي الناس، ومنهم راحت علي البجنوري كان فريد زمانه في معرفة بهاشا، ومعرفة الإيقاع والنغم ، له منظومات كثيرة، أدركه السيد الوالد وذكره في مهرجهانتاب، ومنهم مولانا محمد ظاهر البريلوي المتوفى سنة 1278، جد سيدي الوالد من جهة الأم كان من الرجال المشهورين في معرفة اللغة الهندية، له ديوان شعر يشتمل على جميع الأصناف، ومنهم سراج الدين بن محمد جامع البريلوي ابن عم السيد محمد ظاهر المذكور وتلميذه، له أيضا ديوان شعر، ومنهم السيد الوالد مولانا فخر الدين بن عبد العلي البريلوي، له ديوان شعر يسمى «پريم راگ»، وله تذكرة شعراء الهندية، وهي جزء من أجزاء مهرجهانتاب.
الخاتمة
صفحة غير معروفة