الخامسة قوله: {ويخافون سوء الحساب}
أي : المناقشة.
وقيل: عدم القبول للطاعة، التكفير للمعصية، وفي هذا إشارة إلى أن العبد يحاسب نفسه، وعليه قوله : (( وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا)) وقد جعل العلماء-رحمهم الله- المحاسبة للنفس من شروط الورع، وقسموا المحاسبة إلى درجات، وقيل: عقيب كل فعل وكل ساعة، أوفي كل وقت صلاة أو عند النوم.
السادسة: قوله تعالى:{والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم}
والصبر يكون على فعل الطاعة، فيدخل في ذلك الجهاد، ويكون على فعل المعصية، ويكون على النوائب.
قال الغزالي: والصبر عن المعصية أفضلهما.
وروي في المنتخب من الأحياء عن ابن عباس أن الصبر على ثلاثة أوجه: صبر على أداء فرائض الله،: فله ثلاثمائة درجة،. وصبر عن محارم الله،: وله ستمائة درجة، .وصبر على المعصية عن الصدمة الأولى:فله تسعمائة درجة.
واعلم أن الصبر من أعظم ما تظاهرت به الآيات والأخبار، وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم في نيف وسبعين موضعا، وتكاثرت فيه الأخبار.
وفي الحديث أنه سئل ما الإيمان؟ فقال: ((الصبر)) وهو يشبه قوله -عليه السلام-: ((الحج عرفات)) وهو ينقسم إلى صبر على الطاعة وعلى المصيبة، وعن المحرمات.
وقال بعض العارفين: أهل الصبر على ثلاث مقامات:
أولها: ترك الشكوى وهذه درجة التائبين.
والثانية: الرضا بالمقدور وهذه درجة الزاهدين.
والثالثة: المحبة لما يصنع به مولاه، وهذه درجة الصديقين.
وههنا دقيقة :وهي أن يقال: بماذا تنال درجة الصابرين في المصائب وليس الأمر إلى اختياره، فإن كان المرجع بذلك أن لا يكره المصيبة فذلك غير داخل في اختياره ؟
وأجاب الغزالي :بأنه إنما يخرج عن مقام الصابرين بالجزع من نحو شق الجيب، وضرب الخد، والمبالغة في الشكوى، وإظهار الكراهة، فينبغي أن يجتنب جميعها، ويظهر الرضا بقضاء الله، ولا يظهر الكآبة، ولا يغير حاله في مطعم, ولا ملبس، :وهذه داخلة تحت مقدوره.
صفحة ٩٩