وعن الزهري: خرج سعيد بن المسيب إلى الغزو وقد ذهب إحدى عينيه، فقيل له: إنك عليل صاحب مرض فقال: استنفر الله الخفيف والثقيل، فإن لم يمكنني الحرب كثرت السواد وحفظت المتاع.
ولكن كلام المفسرين في قوله: {ليس على الضعفاء} إلى آخرها أن الأعذار المذكورة مسقطة لوجوب الجهاد على أهلها إشارة إلى نسخ هذه أو تأويلها.
وقوله تعالى:
{وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم}
دلت على وجوب الجهاد بالنفس والمال.
أما بالنفس فذلك ظاهر وسيأتي بيان من رخص له.
وأما بالمال فقد أفادت وجوب الجهاد بالمال ، والآيات متظاهرة بذلك مثل قوله تعالى في هذه السورة: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة}.
وقوله تعالى في سورة الصف: {هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم}.
قال الحاكم: والجهاد بالمال ضروب،
منها: إنفاقه على نفسه في السير إلى الجهاد.
ومنها: صرف ذلك إلى الآلات التي يستعان بها على الجهاد.
ومنها: صرفه إلى من ينوب عنه أو يخرج عنه.
قال جار الله: وقد دلت على وجوب الجهاد بهما إن أمكن أو بأحدهما.
وقد ذكر المؤيد بالله أن من له فضل مال وجب عليه أن يدفعه إلى الإمام إن دعت إليه حاجة.
وذكر المنصور بالله وجوب دفع ما دعت إليه الحاجة من الأموال في الجهاد قليلا كان أو كثيرا، ويتعين ذلك بتعيين الإمام.
وأما من طريق الحسبة فقال المنصور بالله: يجب ذلك إن حصل خلل لا يسده إلا المال، وذكره الهادي في مسائل الطبريين.
قال محمد بن أسعد: والمشهور من المذهب أن ذلك إنما يكون إلى الإمام.
صفحة ٣