وقد قال في الانتصار: هذه الرواية لا يعول عليها لما فيها من مخالفة الإجماع، ولعله أراد صدقة النفل ؛ لأن قدره أعلى من مخالفة الإجماع، وكلامه يقتضي أن التحريم قطعي، وأن المسألة ليست اجتهادية.
وعن الاصطخري: إذا منعوا حقهم من الخمس حلت لهم.
قال في المهذب: المذهب خلاف ذلك؛ لأن التحريم للنسب.
الوجه الثاني: أن العموم يخص بخبر الآحاد، فكيف وقد تظاهرت الأخبار عن رسول الله بتحريمهما على آله ! ولقد سمعت من يقول أن ذلك معلوم بالاضطرار.
وروى إمام المذهب الناطق بالحق يحيى بن الحسين بالإسناد إلى الحسن بن علي -عليه السلام- أنه قال: أذكر أني أخذت تمرة من تمر الصدقة فجعلتها في في فأخرجها رسول الله فألقاها في التمر فقال رجل: يا رسول الله ما كان عليك في هذه التمرة لهذا الصبي؟ فقال: ((إنا أهل محمد لا تحل لنا الصدقة)).
وفي حديث أبي رافع مولى النبي وقد طلب بأن يوليه شيئا من الصدقة فقال : ((لا تحل الصدقة لآل محمد، ومولى القوم منهم)).
وروى البخاري في صحيحه بالإسناد إلى أبي هريرة قال: أخذ الحسن بن علي تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال النبي : ((كخ كخ)) لتطرحها فطرحتها، ثم قال: ((أما سمعت أنا لا نأكل الصدقة)).
وروى أبو عيسى الترمذي في صحيحه عن أحد عشر من أصحاب رسول الله أن أبا رافع لما سأل النبي عن ذلك فقال : ((إن الصدقة لا تحل لنا، وإن مولى القوم منهم)).
وروى أبو داود في سننه أنه قال لأبي رافع: مولى القوم من أنفسهم، وأنا لا تحل لنا الصدقة.
وروى أبو داود أنه كان يمر بالتمرة العابرة فما يمنع من أخذها إلا مخافة أن تكون صدقة.
وفي حديث رواه أبو داود أنه وجد تمرة فقال: ((لولا أني أخاف أن تكون صدقة لأكلتها)).
إن قيل: هل لقائل أن يقول: حرمت عليهم لأجل التهمة، وإذا كان كذلك فقد زالت التهمة بعد موته ؟
قلنا: هذا قول مائل عن الحق لوجوه:
صفحة ١٨