ولهذا تكملة :وهي أن يقال: هل يستدل بالآية على تحريم شرب لبن ما لا يؤكل لحمه كالأتان والخيل، ونحو ذلك؛ لأن الله تعالى خص الامتنان في لبنها، فدل على مخالفته لغيره.
قلنا: في الآية إشارة إلى ذلك، وإن كان مفهوم اللقب ضعيفا،وهذا :قد ذكره المنصور بالله.
أما لبن بقر الوحش وحمر الوحش إن قلنا بجواز أكله فلبن الإناث منه طاهر بلا إشكال.
وأما جواز شربه فلعله يجوز قياسا على حل لحمه.
قوله تعالى:
{ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا}.
اعلم أن المفسرين اختلفوا هل في الآية دلالة على إباحة المسكر أم لا:
فقيل: هي دلالة على إباحة المسكر : أي جنس المسكر .
ووجه الدلالة: أن الله تعالى ذكر ذلك لبيان الامتنان علينا بما جعل لنا من ثمرات النخيل والأعناب، كما ذكر الركوب والزينة في الخيل والبغال، ويدخل في هذا الخمر والنبيذ،: وهذا قول قتادة، والشعبي، والنخعي، لكن قال هؤلاء : إنها منسوخة بما نزل من تحريم الخمر في المائدة.
وقال أبو مسلم: هذا خطاب للكفار والخمر من شرابهم، فذكر تعالى ما امتن به عليهم، ويكون ذلك قبل التحريم.
وقال كثير من الحنفية- ورجحه الحاكم - أنها دالة على إباحة المطبوخ من المسكر، ولا وجه للنسخ مع إمكان الجمع بين الأدلة، فيكون في هذا دلالة على إباحة المطبوخ؛ لأنا لو لم نبحه بطلت فائدتها، وما ورد من التحريم في غيرها حمل على غير المطبوخ.
وقيل: فيها دلالة على إباحة الأنبذة :من البر ,والعسل؛ لأن الخمر قد يخرج القليل منه بالإجماع، فبقي النبيذ، هذه أربعة أقوال.
وقيل: الآية لا تدل على إباحة المسكر؛ لأنه تعالى ذكر ذلك جامعا بين الإباحة والعتاب، والمعنى أنه تعالى جعل لكم ثمار النخيل والأعناب لتأكلوها فخالفتم وجعلتم منها سكرا.
وقد فسر بأن المراد الاستفهام أي : أفتتخذون منه سكرا لكن حذف الهمزة إنما يكون لقرينة.
صفحة ١٢٠