مصطلحات أئمة الحديث الخاصة ويليه القرائن الموصلة إلى فهم مقاصدهم في الجرح والتعديل

إبراهيم بن عبد الله المديهش ت. غير معلوم

مصطلحات أئمة الحديث الخاصة ويليه القرائن الموصلة إلى فهم مقاصدهم في الجرح والتعديل

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٨ هـ

تصانيف

مُصْطَلَحَاتُ الأَئِمَّةِ الخَاصّة ويليها القَرَائِنُ المُوْصِلَةُ إِلَى فَهْمِ مَقَاصِدِهم في عِبَاراتِ الجَرْحِ والتَّعْدِيل كتبه إبراهيم بن عبد الله بن عبد الرحمن المديهش

1 / 1

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

1 / 3

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فإني لما التحقتُ بالدراسة المنهجية، لمرحلة الماجستير، في «قسم السنة وعلومها» في جامعة الإمام محمد بن سعود، وكان من المتطلبات العُرفية للدراسة، توزيع مباحث المنهج في أغلب المواد على الدارسين، وقع عليَّ بحثان (المصطلحات الخاصة لأئمة الحديث) و(القرائن الموصلة إلى فهم مقاصدهم في عبارات الجرح والتعديل)، ولم أجد مَن أفرد رسالة في هذين المبحثين ــ كما سيأتي بيانه ــ فكتبتهما جمعًا وترتيبًا، لا دراسةً وتحريرًا؛ ولا يخفى على المختصين أن بيان مصطلح لإمام واحد، يتطلب استقراءً شاملًا، ثم فحصًا دقيقًا؛ لذا تجدُ رسائل مفردة في بيان مصطلح واحد. وحسبي هنا جمعُ الأقوال وتقريبها، مع الإحالة الكافية للمراجع، عند الرغبة في الإستزادة. قال علي بن عبدالقادر الحسيني الطبري ت ١٠٧٠ هـ: "من المستحسن عند أهل العلم شرعًا وعقلًا، جمع المتفرق في محل واحد، ليكون أسهل عند المراجعة، وأقرب للتناول، فقد تشتبه مظنات المطلوب، ولو على العالم مثلًا، إذ قد تُذكر مسألة في غير مظنتها، ويكون هناك قيد سابق أو لاحق ملحوظ. فقاصد الجمع غالبًا ما يُمعن النظرَ فيما يريد جمعَه، فيتبعه من مظانه، وينظر إلى سوابق ولواحق ما يتعلق به، وقد يُلحق به ما هو من مناسباته، فتحصل لناظره فوائد:

1 / 5

الأولى: الاستغناء عن التتبع. الثانية: وقوفه على المقصود في زمن يسير. الثالثة: الاطلاع على أمر زائد على مطلوبه، مناسب له. لذا ترى العلماء في كل فن، يفردون أبوابًا من العلم في مؤلفات مخصوصة ....... والجمع مختلف المراتب تقدمًا وتأخرًا" (١) وهو ــ أعني الجمع والترتيب ــ من مقاصد التأليف الثمانية، التي لاينبغي لعاقل أن يؤلف في غيرها (٢) قال الكاساني: " الغرض الأصلي والمقصود الكلي من التصنيف في كل فن من فنون العلم، هو تيسير سبيل الوصول إلى المطلوب على الطالبين، وتقريبه إلى أذهان المقتبسين " (٣) ومن المتفق عليه عند أهل العلم، والعقلاء بعامّه؛ أن لايُخرج المرءُ مؤلَّفه إلا بعد تمحيصه وتحريره، وتكرير النظرِ فيه، وعرضه على العلماء، واجتلاب النصيحة له، آخذًا في الاعتبار الحكمة المشهورة: " لايزال المرءُ في فسحةٍ من عقلِه، مالم يقل شعرًا أو يصنِّف كتابًا" (٤)

(١) فوائد النيل بفضائل الخيل ص ٢٢ - ٢٣ بتصرف واختصار (٢) انظر: ذكر أربعة منها ابن فارس في الصاحبي ص ٣١، وذكر الباقي ابن حزم في رسالته عن فضل الأندلس ورجالها (٢/ ١٨٦ ــ رسائله) وفي رسالته التقريب لحد المنطق (٤/ ١٠٣ ــ رسائله) وبعض العلماء نسبها إلى رسالته (نقط العروس ...) ولم أجد المسألة فيها، وانظر: إضاءة الراموس وإضافة الناموس على إضاءة القاموس للشرَكَي الصميلي ٢/ ٢٨٨ - ٢٨٩، أزهار الرياض للمقرّي ٣/ ٣٣، حقوق الاختراع والتأليف في الفقه الإسلامي للشهراني ص ٨٥ (٣) بدائع الصنائع ١/ ٦٤، أفاده الشيخ حسين الشهراني في "حقوق الاختراع .. " ص ٨٧ (٤) الطيوريات ص ٢٨٩ ط. البشائر، الجامع للخطيب ٢/ ٢٨٣، ربيع الأبرار ٣/ ٢٣١، معجم الأدباء ١/ ١١

1 / 6

وهذا أمرٌ مُوقِنٌ به، قائمٌ عليه، سوى هذا البحث؛ لسببين اثنين: ١. أن البحث كما أشرتُ إليه، ليس فيه ترجيحٌ لرأي، ولاتحقيقٌ لمصطلح، حتى أُنظرهُ للمراجعة والتحقيق. ومعلوم مابين يدي السنة المنهجية، من خِطةٍ أو خِطط ــ يسّر الله الأمور ــ ثم بحوث أكاديمية، تحول بيني وبين النظر في هذا البحث. ٢. لم أقف على مَن جمع، على نحوِ ما هو بين يديك. لهذا أخرجتُ هذا البحث، وأظني قد خرجتُ من تبعةِ النقد، وسلسلة التعقب، ومع ذلك أتمنى متتبعًا يعقبه بإضافه وتقريب، وتعقبٍ لأصحاب النصوص المنقولة، فالعلم رحم بين أهله ........

1 / 7

- الدراسات السابقة: وقفتُ ــ بعد البحث ــ على مجموعةٍ من الكتب الباحثة، في مصطلحات أئمة الحديث، سواءٌ منها ما كان في تحديد مصطلحات الفن، أو مصطلحات الجرح والتعديل، ومنهم من جمعهما. وهي كما يلي: ١) شفاء العليل بألفاظ وقواعد الجرح والتعديل. لأبي الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني المأربي. طبع منه جزء واحد. ط. ابن تيمية القاهرة. ٢) معجم مصطلحات الحديث ولطائف الأسانيد. د. محمد ضياء الرحمن الأعظمي. ط. أضواء السلف. ط. الثانية ١٤٢٥ هـ. ٣) معجم مصطلحات توثيق الحديث. د. علي زوين ط. عالم الكتب ١٤٠٧ هـ. ٤) الشرح والتعليل لألفاظ الجرح والتعديل. يوسف محمد صديق ط. ابن تيمية في الكويت. ١٤١٠ هـ. ٥) معجم المصطلحات الحديثية. نور الدين عتر ط. جامعة دمشق ١٣٩٦ هـ ٦) معجم علوم الحديث النبوي. د. عبد الرحمن الخميسي ط. الأندلس وابن حزم ١٤٢١ هـ. ٧) شرح ألفاظ التجريح النادرة أو قليلة الاستعمال. د. سعدي الهاشمي. ٨) شرح ألفاظ التوثيق والتعديل النادرة أو قليلة الاستعمال. د. سعدي الهاشمي ط. العلوم والحكم، المدينة النبوية ١٤١٣ هـ. ٩) مصطلحات الجرح والتعديل المتعارضة. د. جمال أسطيري ط. في

1 / 8

مجلدين ط. أضواء السلف ١٤٢٥ هـ. ١٠) ألفاظ وعبارات الجرح والتعديل بين الإفراد والتكرير والتركيب ودلالة كل منها على حال الراوي والمروي. د. أحمد معبد عبد الكريم ط. في مجلد أضواء السلف ١٤٢٥ هـ. وقفت على هذه الكتب في المصطلحات، وعلى المراجع الأخرى في علم الجرح والتعديل، ودراسة الأسانيد، مما تراه في حواشي البحث. وللأمانة أقول: أغلب المراجع الأصلية في كتب الرجال كالتاريخ والجرح والسؤلات ... وغيرها. وكذا الميزان واللسان والتهذيب، مما ذُكر منها مثلًا لقاعدة أو فائدة؛ نقلته بواسطة الكتب الحديثة، وغالبًا ما أشير إلى ذلك، ولم أسلك هذه الطريقة - عَلِمَ اللهُ - إلا لضيق الوقت ومزاحمة العمل. (١)

(١) لما علمتَ في أول المقدمة من أصل هذا البحث وسبب إخراجه.

1 / 9

ثم إلى بيان فصول البحث: ١) المقدمة: وفيها الدراسات السابقة في المصطلحات. ٢) التمهيد: وفيه مبحثان: ١) عظم مكانة الأئمة ﵏. ٢) فوائد قبل إيراد القرائن. ٣) الفصل الأول: وفيه مبحثان: ١) أهمية معرفة مصطلحات الأئمة. ٢) من مصطلحات الأئمة الخاصة. ٤) الفصل الثاني: القرائن الموصلة إلى فهم مقاصد الأئمة في عبارات الجرح والتعديل. ٥) الخاتمة: وفيها: أهم النتائج. والله تعالى أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

1 / 10

التمهيد: وفيه مبحثان المبحث الأول: عِظَمُ مكانة الأئمة ﵏ -. إن من خصائص الأمة المحمدية، وجود الأسانيد (١)، التي جُعلت لمعرفة صحيح الحديث من سقيمه، وأمنة للناس على دينهم. وقد قيض الله لها رجالًا "من أعظم الناس صدقًا وأمانة وديانة، وأوفرهم عقولًا، وأشدهم تحفظًا وتحريًا للصدق، ومجانبة للكذب، وأن أحدًا منهم لا يحابي (٢) في ذلك أباه ولا ابنه ولا شيخه ولا صديقه، وأنهم حرروا الرواية عن رسول الله ﷺ تحريرًا لم يبلغه أحدٌ سواهم، لا من الناقلين عن الأنبياء ولا من غير الأنبياء، وهم شاهدوا شيوخهم على هذا الحال وأعظم، وأولئك شاهدوا من فوقهم كذلك وأبلغ، حتى انتهى الأمر إلى مَن أثنى الله عليهم أحسن الثناء، وأخبر برضاه عنهم واختياره لهم، واتخاذه إياهم شهداء على الأمم يوم القيامة" (٣).

(١) انظر رسالة د. عاصم القريوتي بعنوان (الإسناد من الدين ومن خصائص أمة سيد المرسلين) ولأبي غدة رسالة في الإسناد أيضًا، وكذا د. حارث الضاري وانظر: شرح العلل لابن رجب ١/ ٥٦ - ٦٢. (٢) انظر صورًا من عدم محاباتهم في كتاب (مباحث في علم الجرح والتعديل) لقاسم سعد. ص ١٤٩ - ١٥٥. (٣) مختصر الصواعق لابن القيم ٢/ ٣٥٨، وانظر (حفظ الله السنة وصور من حفظ العلماء لها وتنافسهم عليها) لأحمد السلوم.

1 / 11

ومن أنفق " معظم أوقاته وأيامه مشتغلًا بالحديث، والبحث عن سيرة النقلة والرواة؛ وقف على رسوخهم في هذا العلم، وكبير معرفتهم به، وصدق ورعهم في أقوالهم وأفعالهم، وشدة حذرهم من الطغيان والزلل، وما بذلوه من شدة العناية في تمهيد هذا الأمر، والبحث عن أحوال الرواة، والوقوف على صحيح الأخبار وسقيمها، وكانوا بحيث لو قتلوا لم يسامحوا أحدًا في كلمةٍ واحدةٍ يتقولها على رسول الله ﷺ ولا فعلوا هم بأنفسهم ذلك، وقد نقلوا هذا الدين إلينا كما نُقل إليهم وأدوا كما أُدِّيَ إليهم، وكانوا في صدق العناية والاهتمام بهذا الشأن؛ ما يجل عن الوصف، ويقصر دونه الذكر ... " (١). وأما عن دقة علمهم، وسعة اطلاعهم، فقد قال ابن رجب ﵀: " الحذاق من الحفاظ لكثرة ممارستهم، لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا يشبه حديث فلان، ولا يشبه حديث فلان ... " (٢). قال ابن القيم ﵀ نقلًا عن أبي المظفر السمعاني ت ٤٨٩ هـ قوله عن تمييز الأحاديث: " ... فأما العلماء بها، فإنهم ينتقدونها انتقاد الجهابذة الدراهم والدنانير، فيميزون زيوفها، ويأخذون خيارها، ولئن دخل في أغمار الرواة مَن وُسِمَ بالغلط في الأحاديث، فلا يروج ذلك على جهابذة أصحاب الحديث وورثة العلماء، حتى إنهم عَدُّوا أغاليط مَن غلط في الإسناد والمتون، بل تراهم يَعُدُّون على كل واحد منهم كم في حديث غلط، وفي كل حرفٍ حَرَّف، وماذا صَحَّف (٣)، فإذا لم تَرُج عليهم أغاليط

(١) الانتصار لأهل الحديث لأبي المظفر السمعاني ت ٤٨٩ هـ، جمع نصوصه: محمد بن حسين الجيزاني ص ٤١، وقد نقله ابن القيم في مختصر الصواعق ٢/ ٤٠٩. (٢) شرح العلل ٢/ ٢٥٦. (٣) انظر في دقة منهج الأئمة المحدثين ﵏. منهج النقد عند المحدثين د. أكرم العمري ص ٢٧ وما بعدها. ضوابط الرواية عند المحدثين ... الصديق بشير ص ٣٥٧ وما بعدها. الأنوار الكاشفة ... للمعلمي ص ٧٩ - ٨١. ولأهمية نقد الرواة "نظرية نقد الرجال" د. الرشيد ص ٨٢ - ١١٨.

1 / 12

الرواة في الأسانيد والمتون والحروف، فكيف يروج عليهم وضع الزنادقة ... إلى أن ذكر عن حالهم .. أنهم أفنوا أعمارهم في طلب آثار النبي ﷺ شرقًا وغربًا، برًا وبحرًا، وارتحل في الحديث الواحد (١) فراسخ، واتهم أباه وأدناه في خبر يرويه عن النبي ﷺ إذا كان موضع التهمة، ولم يحابه في مقال ولا خطاب؛ غضبًا لله وحمية لدينه، ثم ألف الكتب في معرفة المحدثين وأسمائهم وأنسابهم وقدر أعمارهم، وذكر أعصارهم وشمائلهم وأخبارهم، وفصل بين الردئ والجيد، والصحيح والسقيم؛ حبًا لله ورسوله وغيرةً على الإسلام والسنة، ثم استعمل آثاره كلها، حتى فيما عدا العبادات، من أكله وطعامه وشرابه ونومه ويقظته وقيامه ..... إلى آخر كلامه (٢) ﵀. ومع عظم مكانتهم، وعلو شأنهم، إلا أنهم غير معصومين، فقد يقع من أحدهم الوهم إلا أنه قليل، قال الذهبي ﵀: " ونحن لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل، لكن هم أكثر الناس صوابًا، وأندرهم خطأً، وأشدهم إنصافًا، وأبعدهم عن التحامل، وإذا اتفقوا على تعديل أو

(١) انظر: الرحلة في طلب الحديث للخطيب، تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص ٢٧ ط. المكتب الإسلامي. (٢) بتصرف يسير، مختصر الصواعق لابن القيم ٢/ ٤١٠ - ٤١١ وهو ضمن النصوص التي جمعها محمد الجيزاني من كتاب (الانتصار لأهل الحديث) لأبي المظفر السمعاني ص ٥٦ - ٥٧. ثم وجدتُ قوَّام السُّنة أبو القاسم الأصبهاني ت ٥٣٥ هـ قد نقله في كتابه (الحُجة في بيان المحجة) ٢/ ٢٥٠ عن أبي المظفر ــ رحم الله الجميع ــ

1 / 13

جرح فتمسك به واعضض عليه بناجذيك، ولا تتجاوزه فتندم، ومن شذ منهم فلا عبرة به، فخل عنك العناء وأعط القوس باريها، فوالله لولا الحفاظ الكبار؛ لخطبت الزنادقة على المنابر، ولئن خطب خاطب من أهل البدع، فإنما هو بسيف الإسلام، وبلسان الشريعة، وبجاه السنة، وبإظهار متابعة ما جاء به رسول الله ﷺ، فنعوذ بالله من الخذلان" (١). في عرفهم لا يسمى طالب العلم حافظًا، إلا بعد ضبط (مليون) حديث، ولُقْي مئات الشيوخ، ومُثَافَنَتِهم في الركب، مع كتابة الأجزاء ومدارسة الزملاء. وفي زماننا مَن قرأ صفحات، ورتل آيات، وأنشد أبياتًا، وأبدى آهاتٍ؛ فالمنبر مكانه، والعلم اختصاصه وشَأْنُهُ، وهو حقيقةً قد شَنَأَه وشَانَه، هو عند العامة كلُّ شيء، وهو حقيقة: لا شيء. في زماننا يأتي من قرأ متنًا في علم المصطلح، ومارس التخريج سُنَيَّاتٍ قليلة؛ ليحاكم الأئمة الأعلام، فهذا أحدهم يقول: ما هكذا تُعَلُّ الأحاديث يا ابن المديني ثم يضع ما شاء الله من علامات التعجب والاستفهام، وآخر يتعقب الإمام عبد الرحمن بن مهدي لأنه أطلق المنكر على الشاذُّ، وآخر يحاكم ابن أبي حاتم في قوله عن إسناد: بأنه منكر تفرد به فلان ...، وآخر يقول عن مقول ابن أبي حاتم: وحديث عبد الوارث أشبه. ... العلل ٢/ ١٩٧ يقول: ولا وجه لترجيح إحدى الروايتين على الأخرى ... انظر: تعليق المحققين على مسند أحمد ط. الرسالة ٣٨/ ٤٨. فإلى الله المشتكى من تطاول الأقزام على الأعلام.

(١) سير أعلام النبلاء ١١/ ٨٢ في ترجمة يحيى بن معين ﵀.

1 / 14

ورحم الله أبا عمرو بن العلاء ت ١٥٤ هـ حيث يقول: (ما نحن فيمن مضى إلا كبقلٍ في أصولِ نخلٍ طوال) (١). ويقول مجاهد ت ١٠٤ هـ ﵀: (ذهب العلماء فلم يبق إلا المتعلمون وما المجتهد فيكم اليوم، إلا كاللاعب فيمن كان قبلكم) (٢). ولم يبعد عن الحقيقة د. إبراهيم اللاحم، حينما ذكر بأن عمل المعاصر، هو الموازنة بين كلام الأئمة، وعدم مجاوزته .... (٣) * * *

(١) موضح أوهام الجمع والتفريق ١/ ٥، نزهة الألباء للأنباري ص ٢٦. (٢) أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير ص ١٧٧ رقم (٣٨١)، وأبو نعيم في الحلية ٣/ ٢٨٠. (٣) الجرح والتعديل لللاحم ص ٢٤ - ٢٥.

1 / 15

المبحث الثاني: فوائد قبل إيراد القرائن ١) قال الإمام الترمذي ﵀: (وقد اختلف الأئمة من أهل العلم، في تضعيف الرجال، كما اختلفوا في سوى ذلك من العلم ..... ثم ذكر أمثلة) (١). - قال المنذري ﵀: (واختلاف المحدثين في الجرح والتعديل، كاختلاف الفقهاء، كل ذلك يقتضي الاجتهاد) (٢). - قال الصنعاني ﵀: (قد يختلف كلام إمامين من أئمة الحديث في الراوي الواحد، وفي الحديث الواحد، فيضعف هذا حديثًا، وهذا يصححه، ويرمي هذا رجلًا من الرواة بالجرح، وآخر يعدله؛ وذلك مما يشعر أن التصحيح ونحوه، من مسائل الاجتهاد التي اختلفت فيها الآراء) (٣). ٢) قال المعلمي ﵀: (ينبغي أن يبحث عن معرفة الجارح أو المعدل بمن جرحه أو عدله، فإن أئمة الحديث لا يقتصرون على الكلام فيمن طالت مجالستهم له، وتمكنت معرفتهم به، بل قد يتكلم أحدهم فيمن لقيه مرة واحدة، وسمع منه مجلسًا واحدًا أو حديثًا واحدًا ...... إلى أن قال: وكان ابن معين إذا لقي في رحلته شيخًا، فسمع منه مجلسًا، أو ورد بغداد شيخ فسمع منه مجلسًا، فرأى تلك الأحاديث مستقيمة، ثم سئل عن الشيخ؟ وثقه، وقد يتفق أن يكون الشيخ دجالًا، استقبل ابن معين بأحاديث صحيحة،

(١) شرح علل الترمذي لابن رجب ١/ ٣٢١. (٢) جوابه على أسئلة في الجرح والتعديل ص ٨٣. (٣) إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد ص ١٣.

1 / 16

ويكون قد خلط قبل ذلك، أو يخلط بعد ذلك. ذكر ابن الجنيد أنه سأل ابن معين عن محمد بن كثير القرشي الكوفي؟ فقال: ما كان به بأس، فحكى له أحاديث تستنكر، فقال ابن معين: (فإن كان هذا الشيخ روى هذا فهو كذاب، وإلا فإني رأيت حديث الشيخ مستقيمًا ....) (١). ٣) مما ينبغي على الدارس لمصطلح أحد الأئمة، أن تكون لديه معرفة تامة في ما ذكره أهل الاصطلاح، من ألفاظ الجرح والتعديل، ومراتبها، فانظر ذلك في: الجرح لابن أبي حاتم ١/ ٦، ١٠، مقدمة ابن الصلاح ط. عائشة بنت الشاطئ ص ٣٠٧ - ٣١١، فتح المغيث للعراقي ص ١٧١ - ١٧٨، فتح المغيث للسخاوي ٢/ ١٠٨ - ١٣٠، المقنع لابن الملقن ١/ ٢٨٢ - ٢٨٧، توضيح الأفكار ٢/ ٢٦١ - ٢٧٧، تدريب الراوي ١/ ٤٠٤ - ٤١٢، النكت لابن حجر ١/ ٤٨٢، اليواقيت والدرر للمناوي ٢/ ٣٥٢، مباحث في الجرح والتعديل لقاسم سعد ص ٢٣ - ١٠١، منهج دراسة الأسانيد للعاني ص ٣٩، ضوابط الجرح والتعديل للعبد اللطيف ص ٢٠٧ ط. العبيكان، الرفع والتكميل ص ١٣٢ - ١٨٦، المنهج الإسلامي في الجرح والتعديل د. فاروق حمادة ص ٣٩٩، علم أصول الجرح والتعديل أبو لاوي ص ٢٢٤ - ٢٦٩، دراسات في الجرح والتعديل للأعظمي ص ٢٨٣ - ٢٨٨، السخاوي وجهوده في الحديث وعلومه د. العماش ٢/ ٥٣٦ - ٥٦٠ فقد حصر الباحث الألفاظ التي أوردها السخاوي في كتبه وذكر مراتبها عنده، شفاء العليل للسليماني فقد ذكر مراتب التعديل في ص ٢٣ إلى ص ١٥٠ ومراتب التجريح ص ١٥١ إلى ص ٢٨٢ مع ذكره لكثير من الألفاظ وشرحها، التسهيل في علم الجرح والتعديل د. إبراهيم السعيد خليل ص ١٩٧.

(١) التنكيل ١/ ٦٦ - ٦٧.

1 / 17

٤) " ألفاظ الجرح والتعديل تستمد قوتها من منزلة قائلها فهمًا واعتدالًا، وكذا من عموم لفظها، فليس قول المتساهل والمتشدد، كقول المعتدل" (١)، " ومن لم يعرف مذهب الإمام منهم، ومنزلته من التثبت؛ لم يعرف ما تعطيه كلمته" (٢)؛ وعليه فيلزم معرفة أحوال المتكلمين في الرجال، من حيث: ١) الشدة والتعنت، ٢) التوسط والاعتدال، ٣) التساهل. - فالقسم الأول: ذُكِرَ منهم: يحيى بن سعيد القطان، ابن معين، أبو حاتم، ابن خراش، " عثمان بن أبي شيبة " (٣)، شعبة، النسائي، أبو زرعة، العقيلي. - والقسم الثاني: ذُكر منهم: البخاري، مسلم، ابن مهدي، ابن المديني، أحمد، أبو داود، الدارقطني، ابن عدي، أبو زرعة، ابن سعد، الترمذي. - والقسم الثالث: ذُكر منهم: العجلي، أحمد بن صالح المصري، الترمذي (٤)، ابن حبان، الدارقطني في بعض الأوقات، ابن شاهين، الحاكم، البيهقي (٥).

(١) شفاء العليل للسليماني ص ١٨ بتصرف. (٢) الاستبصار في نقد الأخبار للمعلمي ص ٧. (٣) المعلمي في التنكيل، وعنه السليماني في شفاء العليل ص ١٢٥. (٤) يُلاحظ أنه ذُكر في موضعين، وذلك بحسب رؤية من قسَّمهم. (٥) ينظر في ذكر مناهج المتكلمين: = ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل للذهبي، المتكلمون في الرجال للسخاوي، الموقظة للذهبي ص ٨٣، كفاية الحفظة شرح الموقظة للهلالي ص ٣٢٢، ضوابط الجرح والتعديل للعبد اللطيف ص ٦٩ - ٧٠ ط. العبيكان، الجرح والتعديل بين المتشددين والمتساهلين د. محمد بن طاهر الجوابي، الجرح والتعديل لللاحم ص ٣٨٨، دراسات في الجرح والتعديل للأعظمي ص ٨١، التأسيس في فن دراسة الأسانيد د. عمر أبو بكر ص ١١٨ - ١٢٢، مباحث في علم الجرح والتعديل لقاسم سعد ص ١٠٣ - ١٣٤، مصطلحات الجرح والتعديل المتعارضة د. جمال أسطيري ١/ ٢٠٩، الخبر الثابت لللحياني ص ٩٩، القاعدة الثانية من قواعد الجرح والتعديل للسعد " أشرطة مفرغة في أوراق "، الرفع والتكميل ص ٢٧٤، ضوابط الجرح والتعديل عند الذهبي لمحمد الثاني ٢/ ٨٣٢ - ٨٣٨.

1 / 18

قال الذهبي في الموقظة: " وقد يكون نَفَس الإمام فيما وافق مذهبه، أو في حال شيخه، ألطف منه فيما كان بخلاف ذلك، والعصمة للأنبياء والصديقين وحُكَّام القسط" (١). قال المعلمي: (ما اشتهر أن فلانًا من الأئمة مسِّهلٌ، وفلانًا مشدد، ليس على إطلاقه؛ فإن منهم من يسهل تارة، ويشدد تارة أخرى، بحسب أحوال مختلفة، ومعرفة هذا وغيره من صفات الأئمة التي لها أثر في أحكامهم، لا تحصل إلا باستقراء بالغ مع التدبر) (٢). ٦) ذكر المعلمي ﵀ من الأمور التي ينبغي مراعاتها عند البحث عن أحوال الرواة: التأكد من صحة كلمة الجرح أو التعديل، المنسوبة إلى بعض الأئمة قال: " إذا رأى في الترجمة (وثقه فلان) أو (ضعفه فلان) أو (كذبه فلان)، فليبحث عن عبارة فلان، فقد لا يكون قال: (هو ثقة) أو (هو ضعيف) أو (هو كذاب). ففي مقدمة الفتح في ترجمة إبراهيم بن سويد بن حيان المدني: " وثقه ابن معين وأبو زرعة"، والذي في ترجمته من التهذيب: (قال أبو زرعة: ليس به بأس).

(١) ص ٨٤ ط. أبي غدة، كفاية الحفظة شرح الموقظة للهلالي ص ٣٢٦. (٢) مقدمة تحقيقه للفوائد المجموعة للشوكاني صفحة (ط)، وانظر: ضوابط الجرح والتعديل عند الذهبي لمحمد الثاني ٢/ ٨٣١.

1 / 19

وفي المقدمة في ترجمة إبراهيم بن المنذر الحزامي: (وثقه ابن معين ..... والنسائي) والذي في ترجمته من التهذيب: (قال عثمان الدارمي: رأيت ابن معين كتب عن إبراهيم بن المنذر أحاديث ابن وهب، ظننتها المغازي، وقال النسائي: ليس به بأس). إلى أن قال المعلمي: " أصحاب الكتب كثيرًا ما يتصرفون في عبارات الأئمة؛ بقصد الاختصار أو غيره، وربما يخل ذلك بالمعنى، فينبغي أن يُراجع عدة كتب، فإذا وجد اختلافًا بحث عن العبارة الأصلية ليبنى عليها" (١). قال د. العبد اللطيف ﵀: (وقد ترد ألفاظ الجرح والتعديل، منقولة من كتب المتقدمين مختصرة أو محكية بالمعنى في كتب المتأخرين؛ لاضطرارهم إلى جمع أكبر عدد من الرواة في كتاب واحد، فيؤثر ذلك الاختصار، وتلك الحكاية للفظ الجرح والتعديل، في الحكم على الراوي توثيقًا وجرحًا ...) (٢). وكذا ينبغي التأكد من ثبوت الكلمة عن الإمام، وصحتها، ثم تفهمها (٣) على وجهها الذي أراده، قبل الحكم على الراوي بما تقتضيها.

(١) التنكيل ١/ ٦٥، لسان الميزان ١/ ١٧ وعنه فتح المغيث للسخاوي ٢/ ١٢٨. (٢) ضوابط الجرح والتعديل ص ٩٢ - ٩٣ وانظر: قواعد التحديث للقاسمي ص ٢٠٧، قواعد في الجرح والتعديل للسعد (أشرطة مفرغة) القاعدة الثامنة، الجرح والتعديل لللاحم ص ٤٣٥ - ٤٣٦، مصطلحات الجرح والتعديل المتعارضة لأسطيري ١/ ٨١ و٢/ ٥٥٧ - ٥٧٣، الخبر الثابت لللحياني ص ٩٠ - ٩١، ألفاظ وعبارات الجرح والتعديل ... لأحمد معبد ص ٢٠٨ وص ٢١٠. (٣) الجرح والتعديل لللاحم ص ٤٠٢ وص ٤١٢، المنهج المقترح للشريف العوني ص ٢٥٩ - ٢٦١ مهم.

1 / 20

قال السخاوي: (لا يُعتَمد على القول الذي لم يثبت طريقه إلى إمام الجرح والتعديل) (١). ٧) هناك ألفاظ معروفة عند أهل الحديث، لكنها قد تطلق أحيانًا على معنى غير متبادر إلى الذهن (٢). من ذلك: (كذاب) تطلق على الخطأ، والوهم، والابتداع (٣). (شيطان) ويراد بها المدح. قال عبد الرحمن بن مهدي: لما قدم الثوري البصرة، قال: يا عبد الرحمن جئني بإنسان أذاكره، فأتيته بيحيى بن سعيد، فذاكره، فلما خرج قال: قلت لك: جئني بإنسان، فجئتني بشيطان. قال الذهبي: يعني بهره حفظه (٤).

(١) السخاوي وجهوده في الحديث وعلومه د. العماش ٢/ ٥٣٠، وانظر: تحرير علوم الحديث للجديع ١/ ٥٢٠، مصطلحات الجرح والتعديل المتعارضة لأسطيري ١/ ٧٧ وما بعدها و٢/ ٥٢٧. (٢) شفاء العليل ص ٣٢٦، ٣٧٤ وما بعدها، مصطلحات الجرح والتعديل المتعارضة ٢/ ٧٢٥ - ٧٤٠. (٣) انظر: معالم السنن للخطابي ١/ ١١٦ (١٤٩)، الثقات لابن حبان ٦/ ١١٤، النهاية لابن الأثير مادة (كذب)، لسان الميزان ٢/ ١٣٩، خزانة الأدب ٦/ ١٨٥، ١١/ ١٤٠، الجرح والتعديل لللاحم ص ٤١٢ - ٤١٣، مصطلحات الجرح والتعديل المتعارضة ١/ ٣٧٥. (٤) سير أعلام النبلاء ٩/ ١٧٧، تذكرة الحفاظ ١/ ٣٠٠، وانظر: ألفاظ وعبارات الجرح والتعديل ... لأحمد معبد ص ١٦ مهم، الضعفاء للعقيلي ٤/ ١٩٤، تاريخ بغداد ٩/ ٤٢.

1 / 21

وقول ابن معين في الأثرم: (كان أحد أبويه جني) يعني لشدة حفظه (١). (فلان يشتري الكتب) على المتهمين بالكذب (٢). تاريخ بغداد ٨/ ٣٦٦ - ٩/ ٤٥٦ ﴿(ضعيف) على سبيل المزاح. ... تاريخ بغداد ١٢/ ٢٦٧، السير للذهبي ١٠/ ٢٤٦ (كذاب) على سبيل المزاح. ... هدي الساري ص ٤٠٨، تهذيب ابن حجر ٤/ ٣١٤ (قد عرفته) بمعنى أهلكته. ... العلل للإمام أحمد رواية عبدالله ٣/ ٤٨٥، الضعفاء للعقيلي ٣/ ٦٩ (حديثه ضعيف) بمعنى مسلكه في الاستنباط ضعيف. تهذيب ابن حجر ٦/ ٢٤١، السير ٧/ ١١٤ (منكر) بمعنى داهٍ متيقظ فطن﴾ (٣). سؤالات الآجري لأبي داود ١/ ٤٣٠ * * *

(١) شفاء العليل ص ٣٧٢. (٢) شفاء العليل ص ٣٧٢. (٣) مصطلحات الجرح والتعديل المتعارضة د. جمال أسطيري ٢/ ٧٢٥ - ٧٤٠. ومعلوم أن هذه المعاني تطلق نادرًا.

1 / 22