عشرٌ من الخصال للباحثات عن الجمال
تأليف
محمد بن أحمد العماري
عضوالدعوة والإرشاد بمكة المكرمة
1 / 2
المقدمة
بِحَمْدِكَ يَا مَوْلاَيَ أَبْدَأُ في أَمْرِي ... وَمِنْكَ أَرُوْمُ الْعَوِْنَ في كُلِّ ذي عُسْرِي
وَمِنْكَ صَلاَة ٌ مَعْ سَلاَم ٍ عَلَى النَّبِيِّ ... وَآلٍ وَصَحْبٍ مَا شَدَا في رُبًا قُمْرِي
أَمَا بَعْدُ:
فَإِنَّ الْجَمَال مَحْبُوبٌ على كُلِّ حَال؛ فَقَدْ أَجْمَعَتِ الْقُلُوْبُ عَلَى مَحَبَّتِهِ، وَفُطِرَتْ عَلَى اسْتِحْسَانِهِ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ﴾ [فاطر: ١].
وَفُسِّرَتِ الْزِّيَادَةُ بِالْجَمَالِ.
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ ﵁ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُوْلَ الله، إِنَّ الْرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنًا. فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيْلٌ يُحِبُ الْجَمَالَ» رواه مسلمٌ (١)
فَالْجَمَالُ فِطْرَه، يَبْحَثُ عَنْهَا الْنِّسْوَه، وَمِنَ الْقَبِيْح أَنْ يُخَالِفَ الْفِطْرَةَ الْمَلِيْحُ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا﴾ [فاطر: ٨].
وَقاَلَ الْشَاعِرُ:
يُقْضَى عَلَى الْمَرْءِ في أَيَّام ِ مِحْنَتِهِ ... حَتَّى يَرَى حَسَنًا مَا لَيْسَ بِالْحَسَنِ
وَقَالَ آخَرُ:
قُلْ لِلْجَمِيْلَةِ أَرْسَلَتْ أَظْفَارَهَا ... إِنِّي لِخَوْفٍ كِدْتُ ... أَمْضِي هَارِبَا
إِنَّ الْمَخَالِبَ ... لِلْوحُوْشِ نَخَالُهَا ... فَمَتَى رَأَيْنَا للظِّبَاءِ ... مَخَالِبَا
مَنْ عَلَّمَ الْحَسْنَاءَ أَنَّ ... جَمَالَها ... في أَنْ تُخَالِفَ مَالَهُ ... وَتُجَانِبَا
وَالْمَلِيْح لَمْ يَتَجَمَّلْ بِالْقَبِيْح؛ إلا بَعْدَ أَنْ رَأَى الْمَظَاهِر التي زَاغَ بِهَا الْنَّاظِرُ؛ ظَنًّا مِنْهُنَّ أَنَّ الْجَمَالَ فِيْهِنَّ.
كَمْ عَاشَتِ الْنِّسَاءُ في هَذَا الْبَلَدِ ... عَلَى حَيَاءٍ وَعَفَافٍ وَرَشَدْ
حَتَّى أَتَتْنَا هَذِهِ الْمَظَاهِرُ ... مَظَاهِرُ الْشَّرِّ فَزَاغَ الْنَّاظِرُ
فَصَارَتِ الْطَّائشَةُ الْمَجْنُوْنَه ... مَفْتُوْنَة ً بِالْحَالَةِ الْمَلْعُوْنَه
وَمَا خَدَعَ الْمَرْأةَ الْقَوْم بِمِثْلِ الْزِّيْنَةِ الْيَوْم.
خَدَعُوْهَا بِأنَّهَا حَسْنَاءُ ... وَالْغَوَانِي يَغُرُّهُنَّ الْثَّنَاءُ
_________
(١) صحيح مسلم رقم١٣١ ج١ص٢٤٧ باب تحريم الكبر وبيانه
1 / 3
فَمَازَالَ الأَعْدَاءُ؛ يَدْعُوْنَ الْنِّسَاء؛ حَتَّى أَلْقَيْنَ اللِّبَاس وَتَعَرَّيْنَ أَمَامَ الْنَّاسِ.
كُلُّ ذَلِكَ بَحْثٌ عَنِ الْجَمَالِ هُنَالِكَ.
وَقَدْ حُذِّرَ الإِنْسَانُ أَنْ يُعَرِّيَهُ الْشَّيْطَانُ. قال تعالى ﴿يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: ٢٧]
وَمَا غَيَّرَ الْنِّسَاءُ خَلْقَهُنَّ إلا امْتِثَالًا لأَمْرِ عَدُوِّهِنَّ.
قال تعالى: ﴿وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ﴾ [النساء: ١١٩].
وَمَنْ تَوَلَّتِ الشَّيْطَان؛ خَسِرَتْ رِضَا الْرَّحْمَن.
قال تعالى: ﴿وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا﴾ [النساء: ١١٩]
وَالْشَّيْطَانُ يَعِدُ الْمَرْأَةَ وَيُمَنِّيْهَا؛ حَتَّى في الْنَّارِ يُلْقِيْهَا.
قال تعالى: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا﴾ [النساء: ١٢٠].
فَلْتَحْذَرِ الْحَسْنَاءُ مِنْ كَيْدِ الأَعْدَاءِ.
إِذَا أَنْتِ لَمْ تَرْعَي الْبُرُوْقَ اللَّوَامِحَا ... وَنِمْتِ جَرَى مِنْ تَحْتِكِ الْسَّيْلُ سَائِحَا
وَقَدْ جَمَعْتُ عَشْرًا مِنَ الْخِصَال للبَاحِثَاتِ عَنِ الْجَمَالِ.
بِهَا تَقُوْمُ الْمَرْأَةُ مَقَامَ الْبَدْرِ إِنْ أَفَلَ، وَالْشَّمْسِ إِنْ تَزُل.
أَقِيْمِي مَقَامَ الْبَدْرِ إِنْ أَفَلَ الْبَدْرُ ... وَقُوْمِي مَقَامَ الْشَّمْسِ إِنْ أَمَّهَا الْفَجْرُ
فَقَلِيْلٌ مِنَ الْمَالِ يَكْفِي لِهَذِهِ الْخِصَالِ. خِصَالٌ جَمِيْلَةٌ؛ للغَنِيَّةِ، وَالْفَقِيْرَة.
تَجَمُّلٌ بِمَا أَحَلَّ الله؛ يُغْنِي عَمَّا حَرَّمَ اللهُ.
الْخَصْلَةُ الأُوْلَى: الْنَّظَافَة ُفي الْبَدَن ِ، وَالْثِّيَاب؛ لِتَتَجَمَّلَ للأَحْبَاب.
وَتَرْفُلُ فِي بَزِّ الْعِرَاق ِ وَفِي الْعِطْرِ ... هَضِيمُ (١) الْحَشَا حَوْرَاءُ آلفةُ الخدرِ
_________
(١) هضيم الحشا لطيف الخصر والحشا البطن
1 / 4
فَمَنْ لِثَوْبِهَا نَظَّفَتْ؛ فبِهِ قَدْ تَجَمَّلَتْ. قال تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ المدثر٤:
مَغِيْرِيَّةٌ كَالْبَدْرِ سُنَّةُ وَجْهِهَا ... مُطَهَّرَة ُ الأَثْوَابِ وَالْعِرْضُ وافرُ
لَهَا حَسَبٌ زَاكٍ وَعِرْضٌ مُهَذَّبٌ ... وَعَنْ كُلِّ مَكْرُوْهٍ مِنَ الأَمْرِ زاجرُ
مِنَ الْخَفِرَاتِ الْبِيْضِ لَمْ تَلْقَ رِيْبةً ... وَلَمْ يَسْتَمِلْهَا عَنْ تُقَى اللهِ شَاعِرُ
وَمَنْ كَانَتْ فِي الْبَدَنِ نَظِيْفَة؛ كَانَتْ للزَّوْج ِ أَلِيْفَة.
وَيَأْلَفُ الْزَّوْجُ مِنَ الْنِّسَاء ... طاَهِرَة َ الْثِّيَابِ وَالأَعْضَاءِ
فَمَا تَنَظَفَتِ الْمَرْأَةُ؛ بِمِثْلِ خِصَالِ الْفِطْرَة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ؛ الْخِتَانُ وَالاسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَنَتْفُ الْآبَاطِ» رواه البخاريُّ (١) ومسلمٌ (٢).
وَمَا تَزَيَّنَتِ الْمَرْأَةُ لِبَعْلِهَا بِمِثْلِ نَتْفِهَا لإِبْطِهَا، وَاسْتِحْدَادِهَا، وَتَقْلِيْمِ أَظْفَارِهَا.
فَالْفِطْرَةُ نَظَافَةٌ وَجَمَالٌ، وَمُخَالَفَتُهَا قُبْحٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَمَنْ طَهَرَتْ للفَمِ؛ فَقَدْ طَيَّبَتْهُ للشَّمِّ.
عَنْ عَائشَةَ ﵂ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «الْسِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ للفَمِ مَرْضَاةٌ للرَّبِّ» رواه أحمدُ (٣) وصححه الألباني (٤)
زَمَنُ الْسِّوَاكِ بِعُوْدِ الأَرَاكِ.
١ - عِنْدَ كُلِّ وَضُوْءٍ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قال رَسَوْلُ الله ﷺ: «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وَضُوء» رواه مالك (٥) والبخاري (٦) تعليقًا.
٢ - عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ» رواه
_________
(١) صحيح البخاري رقم٥٤٤١ (ج ١٨ / ص ٢٤٨) باب تقليم الأظفار
(٢) صحيح مسلم رقم ٣٧٨ (ج ٢ / ص٦٨) باب خصال الفطرة.
(٣) المسند رقم٢٣٠٧٢ ج٤٩ص٢٢٨
(٤) الجامع الصغير وزيادته ٦٠٠٨ (ج ١ / ص ٦٠١)
(٥) موطأ مالك رقم١٣٣ج١ص١٩٩باب ما جاء في السواك
(٦) صحيح البخاري ج٧ص١٨باب سواك الرطب واليابس للصائم
1 / 5
الخمسةُ (١)
٣ - عِنْدَ تَغَيُّرِ رَائحَةِ الفَمِ؛ بِنَوْمٍ، أَوْ إِطَالَةِ كَلاَمٍ، أَوْ سُكُوْتٍ.
عَنْ حُذَيْفَةَ ﵁ قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ الله ﷺ «إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَشُوْصُ فَاهُ بِالْسِّوَاكِ» رواه البخاري (٢) ومسلم (٣).
مَكَانُ الْسِّوَاكِ بِعُوْدِ الأَرَاكِ.
١ - الأَسْنَانُ.
عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: دَخَلَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ: ﷺ وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَصَرَهُ، فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَقَصَمْتُهُ وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَاسْتَنَّ بِهِ فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اسْتَنَّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَفَعَ يَدَهُ أَوْ إِصْبَعَهُ ثُمَّ قَالَ: «فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى ثَلاثًا» ثُمَّ قَضَى، وَكَانَتْ تَقُولُ: مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي. رواه البخاري (٤).
٢ - اللَّثة.
عَنْ حُذَيْفَةَ ﵁ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ: إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ. رواه البخاري (٥) ومسلم (٦).
٣ - اللسان.
عَنْ أَبِي موسى الأشعري ﵁ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فَوَجَدْتُهُ يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ بِيَدِهِ يَقُولُ: «أُعْ أُعْ» وَالسِّوَاكُ فِي فِيهِ كَأَنَّه يَتَهَوَّعُ. رواه البخاري (٧).
وَيُمْكِنُ تَطْهِيْرُ الأَفْوَاه بِالْمَعْجُوْنِ وَالْفُرْشَاة؛ وَمِنْ نِعَمِ الله بَأَنَّهَا مُتَوَفِّرَة، وَلِلأَفْوَاهِ مُطَهِّرَة.
الْخَصْلَةُ الْثَّانِيَةُ: الاغْتِسَالُ
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ الفرقان: ٤٨.
فأَنْزَلَ الله ُ الْمَاءَ؛ لِيُطَهِّرَ بِهِ الْرِّجَالَ، وَالْنِّسَاء مِنَ الأَوْسَاخِ، وَالْقَاذُوْرَات، وَالأَحْدَاثِ وَالْنَّجَاسَات.
_________
(١) أبو داود ج١ص٦٩والترمذي ج١ص٤١والنسائي ج١ص١٥وابن ماجة ج١ص٣٣٩وأحمد ج١٥ص٧٨
(٢) صحيح البخاري رقم٢٣٨ ج١ص٤٠٩ باب السواك
(٣) صحيح مسلم رقم ٣٧٥ ج٢ ص ٦٤ باب السواك
(٤) صحيح البخاري رقم٤٠٨٤ (ج ١٣ / ص ٣٤٩)
(٥) صحيح البخاري رقم ٢٣٨ (ج ١ / ص ٤٠٩) باب السواك
(٦) صحيح مسلم رقم ٣٧٥ج٢ص٦٤باب السواك
(٧) صحيح البخاري رقم٢٤١ ج١/ص٩٦ باب السواك
1 / 6
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ﴾ الأنفال ١١
فَأَطْيَبُ الْطِّيْب الْمَاء فَلْتُكْثِرِ الْغُسْلَ بِهِ الْنِّسَاء.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁: «أَطْيَبُ الْطِّيْبِ الْمَاءُ» (١)
فَالْغُسْلُ بِالْمَاءِ خَيْرُ مَا تَجَمَّلَتْ بِهِ الْنِّسَاء.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ لابْنَتِهِ: يَا بُنَيَّة وَاعْلَمِي أَنَّ أَطْيَبَ الْطِّيْبِ الْمَاءُ (٢).
وَالْمَاءُ طِيْبٌ طَيَّبَ الْحَسْنَاءَ ... فَلْتُكْثِرِ الْغُسْلَ بِهِ الْنِّسَاء
الْخَصْلَةُ الْثَّالِثَةُ: إِطَالَة ُالْشَّعَرِ وَمَشْطُهُ، وَدَهْنُهُ، وَبِالْرَّوَائِحِ الْطَّيِّبَةُ مَلْئه
فَالْشَعَرُ الْطَوِيْل؛ عَلاَمَة ُ كُلِّ جَمِيْلٍ.
بَيْضَاءُ تَسْحَبُ مِنْ قِيَام ٍ شَعْرَهَا ... وَتَغِيْبُ فِيهِ وَهْوَ جَثْلٌ (٣) أَسْحَمُ (٤)
فَكَأنَّهَا فِيهِ نَهَارٌ سَاطِعٌ ... وَكَأنَّهُ لَيْلٌ عَلَيْهَا مُظْلِمٌ
وَالْجَمِيْلَةُ؛ ذَوَائبُهَا طَوِيْلَة.
سَفَرَ الْحَبِيْبُ مُوَاجِهِي فَحَسِبْتُهُ ... بَدْرًا وَأَيْنَ الْبَدْرُ مِنْ تِمْثَالِهِ
وَثَنَى مَعَاطِفَهُ (٥) إِليَّ تَمَايُلًا ... بِذُؤَابَةٍ وَصَلَتْ إِلي خَلْخَالِهِ (٦)
وَالْشَّعَرُ الأَسْوَدُ مِثْلُهُ لاَ يُوْجَدُ.
(وَفَرْعٌ (٧) يَزِيْنُ المْتْنَ أَسْوَدُ فَاحِمُ)
فَالْشَّعَرُ ظَلاَم، وَالْوَجْهُ نُوْرٌ تَامٌّ، وَلاَ أَجْمَلَ مِنْ تَعَانُقِ الْظَّلام! وَالْنُّورِ الْتَّامِّ.
لَهَا طَلْعَةٌ مِنْ شَعْرِهَا وَجَبِيْنِهَا ... تَعَانَقَ فِيْهَا لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا
لَهَا مِنْ مُهَاةِ الْرَّمْل ِجِيْدٌ وَمُقْلَة ٌ ... وَلَيْسَ لَهَا اسْتِحْيَاءُهَا وَنِفَارُهَا
_________
(١) رواه البخاري في التاريخ الكبير.
(٢) البيان للجاحظ ج١ - ص٢٥٩.
(٣) الجثل الكثير
(٤) الأسحم الأسود
(٥) معاطفه صفحتا عنقه
(٦) والخلخال ما يلبس في الرجل.
وَقَدْ قِيْل: تَجُوْلُ خَلاَخِيْلُ الْنِّسَاءِ وَلاَ أَرَى ... لِرَمْلَةَ خِلْخَالًا يَجُوْلُ وَلاَ قُلْبَا
(٧) (الفرع الشعر)
1 / 7
فَالْوَجْهُ كَالْمَاءِ الْزُّلاَل، وَالْشَّعرُ عَلَيْهَا كَالْظِّلاَلِ، وَمَا أَحْسَنَ الْمَاءَ الْزُّلاَل! إِذَا وَرِفَ عَلَيْهِ الْظِّلالُ.
أَمَانًا أَيُّهَا الْقَمَرُ الْمُطِل ... فِفِي جَفْنَيْكَ أَسْيَافٌ تُسَل
يَزِيْدُجَمَالُ وَجْهِكَ كُلَّ يَوْمٍ ... ولي جسدٌ يذوبُ ويضمحل
إِذَا نَشَرتْ ذوائبَها عليها ... تَرَى مَاءً يَرُفُّ عَلَيْهِ ظِلُّ
وَالْفَارِقُ؛ للجَمِيْلَةِ فَارِقٌ.
نَحْنُ بَنَاتُ طَارِقِ ... نَمْشِي عَلَى الْنَّمَارِقِ
وَالْحُسْنُ في الْمَفَارِقِ
وَالْفَرْقُ للحَسْنَاءِ؛ كَالْمِصْبَاح ِ في الْظَّلمَاءِ.
لنَا مِنْ سَنَا وَجْهِ الْمَلِيْحةِ مِصْبَاحُ ... وَمِنْ لَفْظِهَا دُرٌ وَمِنْ ريْقِهَا رَاحُ
وَمِنْ شَعْرِهَا لَيْلٌ يُضِلُ عِنْ الهدى ... وَمِنْ فِرْقِهَا خَيْط ٌ مِنَ الْصُّبْح ِ وَضَاحُ
وَمَنْ مَشَطَتْ لِشَعْرِهَا فَقَدْ تَزَيَّنَتْ لِبَعْلِهَا.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ قَالَ: قَفَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ: مِنْ غَزْوَةٍ فَتَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِي فَإِذَا النَّبِيُّ ﷺ يَقُوْلُ: «مَا يُعْجِلُكَ؟» قُلْتُ: كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرُسٍ قَالَ: أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ قُلْتُ: ثَيِّبًا. قَالَ: «فَهَلا جَارِيَةً تُلاعِبُهَا وَتُلاعِبُكَ؟» قَالَ: فَلَمَّا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ قَالَ: «أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلًا»؛ أَيْ عِشَاءً لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعْثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ. رواه البخاري (١) ومسلم (٢)
وَلَعَمْرُ اللهِ مَا كَانَ قَصُّ الْشَّعَرِ مِنَ الْجَمَالِ، وَمَا كَانَ لِمَنْ تَقُصُّهُ أَنْ تَخْتَالَ.
بِالأَمْسِ أَنْتِ قَصَصْتِ شَعْرَكِ غيلة ... وَنَقَلْتِ عَنْ وَضْع ِ الْطَّبِيْعَةِ حَاجِبَا
غَيْلَة ً
وَغَدًا نَرَاكِ نَقَلْتِ ثَغْرَكِ للقَفَا ... وَأَزَحْتِ أنْفَكِ رَغْمَ أَنْفِكِ جَانِبَا
مَنْ عَلَمَ الْحَسْنَاءَ أَنَّ جَمَالَها ... فِي أَنْ تُخَالِفَ مَالَهُ وَتُجَانِبَا
الْخَصْلَةُ الْرَّابِعَةُ: اللِّبَاس
فَمَا تَجَمَّلَ الْنَّاسُ، بِمِثْلِ اللِّبَاس.
قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ
_________
(١) صحيح البخاري رقم٤٦٨٩ (ج ١٦ / ص ١٦) باب تزويج الثيبات،
(٢) صحيح مسلم رقم٢٦٦٥ ج٧ ص٣٩٣باب استحباب نكاح البكر
1 / 8
لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾ [الأعراف: ٢٦].
وما قبَّحَ النساء؛ كتعريةِ الأعضاءِ؛ ومَنْ أطاعتِ الخَنَّاسَ؛ نزعَ عنها اللباسَ.
قَالَ تَعَالَى: ... ﴿يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ الأعراف٢٧ [الأعراف:٢٧].
وَلْتَحْذَرِ الْكَاسِيَةُ؛ أَنْ تَكُونَ عَارِيَةً؛ فَمَنْ لَبِسَتْ ضَيَّقًَا أَوْ شَفَّافًَا؛ لَمْ يُحْتَسَبْ لَهَا لِبَاسًَا.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا؛ قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا» رواه مسلمٌ (١).
الْخَصْلَةُ الْخَامِسَةُ: الْكُحْلُ فِي الْعَيْنَيْن
عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ ﵂ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ: كُنَّا نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاثٍ إِلا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَلا نَكْتَحِلَ وَلا نَتَطَيَّبَ وَلا نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إِلا ثَوْبَ عَصْبٍ) رواه البخاري (٢) ومسلم (٣).
فَمَنْعُ الْكُحْلِ عَلَى الْمُعْتَدَةِ. إِذْنٌ فِيْهِ لِغِيْرِ الْمُحِدة؛ فَمَتَى انْتَهَتِ الْعِدَةُ؛ اِكْتَحَلَتِِ الْمُحِدَّةُ.
وَالْكُحْلُ صِحَّةٌ للعَيْنِ. قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ:
وَمَنْ تَكَحَّلَتْ؛ فَقَدْ تَزَيَّنَتْ.
قَالَ سَعِيْدُ ابْنُ جُبَيْر: زِيْنَةُ الْوَجْهِ الْكُحْلُ رواه ابنُ أبي حاتمٍ (٤)
وَقَدْ قِيْل: فَيَا حُسْنَهَا إِذْ يَغْسِلُ الْدَّمْعُ كُحْلَهَا.
وَإِذَا تَكَحَّلَتْ ذَاتُ الْدَّلَّ؛ أَسَرَتْ بِنَظْرَتِهَا الْبَعْلَ.
وَقَالُوا لي تَزَوَّجْ ذَاتَ دَلٍّ (٥) ... خَلُوْبُ اللَّحْظِ جَائلَةُ الْوِشَاحِ
كَأنَّ لِحَاظَهَا رَشَقَاتُ نَبْلٍ ... تُذِيْقُ الْقَلْبَ آلاَمَ الْجِرَاحِ
_________
(١) صحيح مسلم رقم٣٩٧١ (ج ١١ / ص ٥٩)
(٢) صحيح البخاري رقم٣٠٢ (ج ٢ / ص ١٨) باب الطيب للمرأة عند غسلها.
(٣) صحيح مسلم رقم ٢٧٤٠ ج ٧ص٤٨١ باب وجوب الإحداد في العدة
(٤) تفسير أبي حاتم ج٨ ص٢٥٧٥
(٥) (الدل الشكل)
1 / 9
وَلاَ عَجَبٌ إِذَا كَانَتْ لِحَاظ ٌ ... لِبَيْضَاءِ الْمَحَاجِرِ كَالْرِّمَاحِ
فَكَمْ قَتَلاَ كميًّا ذا (١) وَلاَهِي ... ضَعِيْفَاتُ الْجُفُونِ بِلاَ سِلاَحِ
وَقَالَ عَبْدُ اللِه ابْنُ جَعْفَرٍ: لِبِنْتِهِ: وَاعْلَمِي أَنَ أَزْيَنَ الْزِّيْنَةِ الْكُحْلُ وَأَطْيَبَ الْطِّيْبِ الْمَاء (٢).
الْخَصْلَةُ الْسَادِسَةُ: الْخِضَابُ فِي الْيَدَيْنِ، وَالْرِّجْلَيْنِ
وَيُصْلِحُ الْجَارِيةَ الْخِضَاب ... كَذَا الْوِشَاحَانِ (٣) مَعَ الْجِلْبَاب
وقد قيل.
بَدَا لِي مِنْهَا مِعْصَمٌ يَوْمَ جَمَّرَتْ ... وَكَفٌّ خَضِيْبٌ زُيّنَتْ بِبَنَانِ
فَوَاللهِ لاَ أَدْرِي وَإِنِّي لَحَاسِبٌ ... بِسَبْعٍ رَمَيْنَ الْجَمْرَ أَمْ بِثَمَانِ
وللنسائيِّ (٤) عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ ﵂ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ في الْمُحِدَّةِ: «وَلا تَخْتَضِبُ».
فَمَنْعُ الْخِضَابِ عَلَى الْمُعْتَدَة إِذْنٌ فِيْهِ لِغَيْرِ الْمُحِدَة؛ فَإذَا انتهتِ الْعِدَة؛ اخْتَضَبَتِ الْمُحِدِّة
قَالَ سَعِيْدُ بْنُ جُبَيْر: «زِيْنَةُ الْوَجْهِ الْكُحْلُ وَزِيْنَةُ الْيَدَيْنِ الْخِضَابُ». (٥) رواه ابن أبي حاتم
أَلاَ لَيْتَ هَلْ أَبِيْتَنَّ لَيْلَةً ... وَسَادِيَّ كَفٌ في الْسِوَار ِ خَضِيْبُ
وَقَالَ الْشَّاعِر:
وَانْظُرُ الْنَّقْشَ مِنْ أَطْرَافِهَا الْبَضَّه (٦) ... مِثْلَ الْبَنَفْسَج ِ مَنْثُوْرًَا عَلَى الْفِضَّه
وَقَالَ آخَرُ:
تَرَكْنَ الْرَّوْقَ مِنْ فَتَيَات ِ قَيْسٍ ... أَيَامَى قَدْ يَئسْنَ مِنَ الْخِضَابِ
_________
(١) (الكمي الرجل الشجاع سمي بالكمي لأنه كمى نفسه بالسلاح أي سترها) (ذا ولاهي أي ذا سيادة) (أي كم قتلا شجاعًا سيدًا)
(٢) (البيان والتبيين للجاحظ ج١ - ص٢٥٩)
(٣) (عقد من الدر تتوشح به المرأة كما يتوشح الرجل رداء الإحرام - وقد قيل خلوب اللحظ جائلة الوشاح)
(٤) سنن النسائي رقم٣٤٨٠ (ج ١١ / ص ٢٧٠) باب الخضاب للحادة
(٥) تفسير أبي حاتم ج٨ ص٢٥٧٥
(٦) (البضة - الناعمة والبنفسج نوع من الورد يؤخذ منه الدهن)
1 / 10
الْخَصْلَةُ الْسَّابِعَةُ: الْطِّيْبُ
عَنْ أَبِي سَعِيْدِ الْخُدْرِي ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ: ﷺ «لِيَغْتَسِلْ أَحَدَكُمْ وَلْيَمَسَّ أَطْيَبَ مَا يَجِدُ مِنْ طِيْبِهِ وَدُهْنِهِ» رواه الحاكمُ (١) وإسنادُه على شرطيهما.
وَعَنْ عَائشَةَ ﵁ قَالَتْ: كُنَّا نُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالْمِسْكِ الْمُطَيِّبِ، فَإِذَا عَرِقَتْ إِحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا». رواه أبو داود (٢).
وَتَرْفُلُ في بَزِّ الْعِرَاق ِ وفي الْعِطْرِ ... هَضِيْمُ (٣) الْحَشَا (٤) حَوْرَاءُ آلِفَةُ الْخِدْر
فَذَاتُ الْطِيِّبِ يَرْنُو إِلَيْهَا الْحَبِيْب.
وَتُضْحِي فَتِيْتَ الْمِسْك ِ فَوْقَ فِرَاشِهَا (٥) ... نؤمَ الْضُّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ (٦) عَنْ تَفَضُّلِي
إِلي مِثْلِهَا يَرْنُو (٧) الْحَلِيْمُ صَبَابَةً (٨) ... إِذَا مَا اسْبَكَرَّتْ (٩) بَيْنَ دِرْع ٍ (١٠) وَمِجْوَلِ (١١)
فَالْطِّيْب يُطَيِّبُ الْحَبِيْبَ.
أَلَمَّتْ بِنَا وَاللَّيْلُ دَاجٍ كَأنَّهُ ... جَنَاحُ غُرَاب ٍعَنْهُ قَدْ نَفَضَ الْقَطْرَا
فَقُلْتُ أَعَطَارٌ ثَوَى في رِحَالِنَا ... وَمَا احْتَمَلَتْ لَيْلَى سِوَى طِيْبِهَا عِطْرَا
فَبِالْطَّيْب ِ الْحَسْنَاءُ؛ تَفُوقُ الْرَّوْضةَ الْغَنَاءَ.
فَمَا رَوْضَة ٌ بِالْحَزْن ِ طَيبَة ُ الْثَّرَى ... يَمُجُّ الْنَّدَى جِثْجَاثُهَا (١٢) وَعِرَارُهَا (١٣)
_________
(١) المستدرك رقم٩٨٨ج٣ص٤٥
(٢) ترفل أي تختار وتتبختر
(٣) هضيم لطيف
(٤) الحشا البطن
(٥) (نؤم الضحى المترفة المنعمة)
(٦) لم تنتطق عن تفضلي لم تلبس نطاق الخدمة لأنها منعمة مخدومة)
(٧) يرنو يديم النظر
(٨) الصبابة الشوق
(٩) اسبكرت قامت واعتدلت
(١٠) (الدرع الثوب الواسع)
(١١) (المجول الثوب الذي يلبس في البيت وقيل الفضه)
(١٢) الجثجاث شجر أصفر مرٌ طيب الرائحة تستطيبه العرب وتكثر ذكره
(١٣) والعرار نبت طيب الريح وقد قيل تمتع من شميم عرار نجدٍ فما بعد العشية عرار
1 / 11
وَقَدْ أُوْقِدَتْ بِالْمَنْدَلِ (١) الْرِّطْب ِ نَارُهَا
بِأَطْيَبَ مِنْ أَرْدَانَ عِزَّة َ مَوْهِنًا
مِنَ الْخَفِرَات ِ الْبِيْض ِ لَمْ تَلْقَ شِقْوَة ً ... وَبِالْحَسَب ِ الْمَكْنُون ِ صَافٍ نجارُها
فَإِنْ بَرَزَتْ كَانَتْ لِعَيْنَيْكَ قُرَةً ... وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا لَمْ يَعُمَّكَ عَارُهَا
الْخَصْلَةُ الْثَامِنَةُ: الْحُلِي
قال تعالى: ﴿أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف:١٨].
فَمَا نَقَصَ مِنَ الْجَمَال، يُتِمُّهُ الْحُلِيُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَمَا الِحَلْيٍ إلا زِيْنَةٌ مِنْ نَقِيْصَة ... يُتَمِّمُ مِنْ حُسْن ٍ إذَا الْحُسْنُ قَصَّرَا
وَأَمَّا إذَا كَانَ الْجَمَالُ مُوَفَّرَا ... كَحُسْنِكِ لَمْ يَحْتَجْ إلى أَنْ يزَوَرَا
وَمَنْ تَحَلَّتْ؛ فَبِالْحُسِن ِ تَجَلَّتْ.
إذَا مَا أَرَادَ الْغَزوَ لَمْ يُثْنِ ِعَزْمَهُ ... حَصَانٌ عَلَيْهَا نَظْمُ دُرٍّ يَزِيْنُهَا
وَمَنْ بِحُلِيّهَا تَلَبَّسَتْ؛ فَلِزَوْجِهَا قَدْ تَجَمَّلَتْ.
وَمِنْ ذَاتِ بَعْلٍ في حُلِيٍّ مُجَمِّلِ ... حَصَانٌ (٢) لَهَا خَلْقٌ وَدَلٌّ (٣) مُبَتَّلِ (٤)
وَيَكْفِي مِنْ الْحُلِيِّ للنِّسَاء مَا أَحَاطَ بِعُنُق ِالْحَسْنَاءِ.
١ - قِلاَدَةٌ في الْعُنُقِ.
فَللبَدْرِ مَا لاَثَتْ (٥) عَلَيْهِ خِمَارُهَا ... وللشَّمْسِ مَا جَالَتْ عَلَيْهِ الْقَلاَئِدُ
٢ - سِوَارٌ في مِعْصَم ِالْيَدِ الْيُمْنَى، وَسَاعَة ٌفي مِعْصَم ِاْليَدِ الْيُسْرَى.
(الْسِّوَارُ مَا يُلْبَسُ في الْمِعْصَمِ)
فَيَضُمُّهَا ضَمَّ الْسِّوَار ِالْمِعْصَمَا
تَدُوْرُ في زِيْنَتِهَا يَوْمِيه ... مِثْلَ الْسِّوَارِ في يَدِ الْرُّوْمِيه
(وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يُلْبَسُ في الْكَفِّ)
_________
(١) المندل الرطب العود الطيب الرائحة
(٢) الحصان المرأة العفيفة
(٣) الدل الشكل
(٤) المبتل المنقطع المميز عن غيره
(٥) لاثت لفت ودارت
1 / 12
كَفٌّ في الْسِّوَار ِخَضِيْبُ
ألاَلَيْتَ هَلْ أَبِيْتَنَّ لَيْلَة ًوَسَادِيَّ
فِتْخَةٌ (١) في الْيَد ِ الْيُمْنَى، وَخَاتِمٌ في الْيَد ِ الْيُسْرَى.
كَفُّ الْجَمِيْلَةِ لَيْسَ يَخْفَى حُسْنُهَا ... وَتَمَامُ حُسْن ِ الْكَفِّ لِبْسُ الْخَاِتمِ
وَقَالَ الْشَاعِرُ:
قَصَّرَ عَنْ أَوْصَافَكِ الْعَالَمُ ... وَكَثُرَ النَّاثِرُ وَالْنَّاظِمُ
وَمَنْ تَكُن ِ الْشَّمْسُ لَهَا رَاحَةً ... يَحْسُنُ في بُنْصَرِهَا الخاتِمُ
قُرْطٌ في الأُذُن ِ الْيُمْنَى وَآخَرُ في الْيُسْرَى.
بَعِيْدَة ُ مَهْوَى (٢) الْقُرْط ِ إمَّا لِنَوْفَلٍ ... أَبُوْهَا وَإِمَّا عَبْد ِ شَمْسٍ وَهَاشِم ِ
وَمَا تَوَعَّدَ الْزَّوْجُ الْحَسْنَاءَ بِمِثْل ِ ذَاتِ الْقُرْط ِ طَيِّبَةِ الْرِّيْح ِ مِنَ الْنِّسَاءِ.
أَكَلْتُ دَمًا (٣) إِنْ لَمْ أَرُعْكِ بِضَرَّةٍ ... بَعِيْدَة مَهْوَى الْقُرْط ِ طَيّبَة الْنَّشْرِ
فَمَنِ الْبَهَاءِ أَنْ يَمْرَحَ الْقُرْطُ عَلَى جِيْد ِالْحَسْنَاءِ.
عَلَى خَصْرِهِ جَالَ الْوِشَاحُ كَمَا غَدَا ... عَلَى جِيْدِهِ مِنْ حُسْنِهِ يَمْرَحُ الْقُرْطُ
فَمَنْ لَبِسَتْ قُرْطَهَا كَانَ الْبَدْرُ شَبِيْهًا لَهَا.
مَرِيْضَة ُ كَرِّ الْطَّرْفِ مَجْدُوْلَة ُ (٤) الْحَشَا ... بَعِيْدَة ُ مَهْوَى الْقُرْط ِ يُشْبِهُهُا الْبَدْرُ
الْخَصْلَةُ الْتَّاسِعَةُ: حُسْنُ الْخُلُقِ
عَنْ أبي ذرٍّ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُِ اللهِ: ﷺ «وَخَالِقِ الْنَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ». «هَذَا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه (٥)»
وَمَا تَجَمَّلَ الْخَلْق بِمِثْلِ حُسْنِ الْخُلُقِ.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ ﵀ ُ: وَإِنَّكَ لَتَرَى صَاحِبَ الأَخْلاَقِ الْجَمِيْلَةِ؛ مِنْ أَحْلَى الْنَّاسِ صُوْرَةً وَإِنْ كَانَ قَبِيْحًا.
وَقَالَ: وَصَاحِبُ الْخُلُقِ الْجَمِيْلِ؛ لاَ تَنْفَكُّ الْقُلُوْبُ عَنْ مَحَبَّتِهِ، وَتَعْظِيْمِهِ، وَالْمَيْلِ إِليْهِ.
_________
(١) الْفَتْخَةُ مَالَيْسَ لَهَا فَصٌّ؛ كَالْدِّبْلَةِ وَالْخَاِتمُ مَالَهُ فَصٌّ؛ وَكِلاَهُمَا يُلْبَسُ في الإصْبَع.
(٢) طويلة العنق والقرط ما يلبس في الأذن
(٣) (أكلت دمًا أي تحملت والدية يقال لها دم)
(٤) حسنة الخلق والحشا البطن مهوى القرط عبر به عن طول العنق إذ يدل عليه والقرط مايبلس في الأذن
(٥) المستدرك على الصحيحين للحاكم رقم ١٦٥ (ج ١ / ص ١٧٤)
1 / 13
قُلْتُ: فَكَمْ مِنْ قَبِيْحَةٍ، صَارَتْ بِخُلُقِهَا مَلِيْحَةً. وفي الْحَدِيْثِ: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ ذَهَبَ حُسْنُ الْخُلُقِ بِخَيْرِ الْدُّنْيَا وَالآخِرَة» (١)
وَكَمْ مِنْ مَلِيْحَةٍ؛ صَارَتْ بِخُلُقِهَا قَبِيْحَةً.
وفي الْحَدِيْثِ: «إِنْ الله َيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِي» (٢)
الْخَصْلَةُ الْعَاشِرَةُ: الْعِفَّةُ عَنِ الْحَرَامِ وَالْغَفْلَةُ عَنِ الآثَام
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ النور:٢٣.
فَمَنْ لِجَوَارِحِهَا حَافِظَةً؛ كَانَتْ عَنِ الْفَاحِشَةِ غَافِلَةً.
قال تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ﴾ النساء:٣٤.
فَمَا تَزَيَّنَتِ الْمَرْأةُ بِمِثْلِ العِفَّةِ.
فَإِنْ بَرَزَتْ كَانَتْ لِعَيْنَيْكَ قُرَةً ... وَإِنْ غِبْتَ عَنْهَا لَمْ يَعُمَّكَ عَارُهَا
وَقَدْ أَشَارَتْ امْرَأةُ الْعَزِيْزِ إلى جَمَالِ يُوْسُفَ في الْصُّوْرَةِ؛ بِقَوْلِهَا: ﴿قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ﴾ يوسف٣٢ يوسف:٣٢.
وَأَشَارَتْ إلي جَمَالِهِ في الْعِفَّةِ بِقَوْلِهَا: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ﴾ يوسف:٣٢.
قُلْتُ: فَكَمْ جَمَّلَتِ الْعِفَّةُ مِنْ قَبِيْحٍ؛ وَكَمْ قَبَّحَ تَرْكُهَا مِنْ مَلِيْحٍ.
أُخْتَاهُ مَنْ تَزَيَّنَتْ بِهَذِهِ الْخِصَالِ بَدَتْ بِأَوْصَافِ الْكَمَالِ.
وفي الْدُّرِّ وَالْيَاقُوْتِ وَالْمِسْكِ وَالْحُلِي ... عَلَى كُلِّ سَاجِي الْطَّرْفِ لَدْنِ المُقَلَّدِ
وَيَبْدُو بِأَوْصَافِ الْكَمَالِ فَلاَ تَرَى ... بِرُؤْيَتِهِ شَيْئًا قَبِيْحًا وَلاَ رَدِي
أُخْتِي هَذِهِ الْخِصَالُ؛ كَتَبْتُهَا للبَاحِثَةِ عَنِ الْجَمَال؛ لَهَا غُنْمُهَا. وَعَلَىَّ غُرْمُهَا، فَمَنْ أَخَذَتْهَا فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوْفٍ، وَمَنْ تَرَكَتْهَا فَتَسْرِيْحٌ بِإحْسَانٍ. ... وَبِهَذَا الْقَدْرِ أَكْتَفِي وَإلِيْهِ أَنْتَهِي.
ثُمَّ إلي هُنَا قَدِ انْتَهَيْتُ ... وَتَمَّ مَا بِجَمْعِهِ عَنَيْتُ
وَالْحَمْدُ للهِ عَلَى انْتِهَائِي ... كَمَا حَمِدْتُ اللهَ في ابْتِدَائِي
_________
(١) المعجم الأوسط للطبراني ج٣ص ٢٧٩والكبير ج ٢٣ وص٣٦٨
(٢) السنن الكبرى للبيهقي ج١٠ص١٩٣
1 / 14