186

تبسيط العقائد الإسلامية

الناشر

دار الندوة الجديدة

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

وقد سمعت الجن النبي ﷺ بدون أن يراهم أول مرة وفي هذه المرة نزل قوله تعالى:
﴿وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن﴾ الآيات.
وجاء داعيهم إليه بعد ذلك فذهب ﷺ إليهم ووعظهم وعلمهم، لأنه مرسل إليهم كما سبق.
قال علقمة: قلت لابن مسعود: هل صحب النبي ﷺ ليلة الجن منكم أحد؟ قال ما صحبه منا أحد، ولكن افتقدناه ذات ليلة وهو بمكة، فقلنا اغتيل (١) أو استطير ما فعل به؟ فبتنا بشر ليلة بات بها قوم حتى إذا أصبحنا أو كان وجه الصبح إذا نحن به يجيء من قبل حراء. قال: فذكروا له الذي كانوا فيه. فقال: أتاني داعي الجن، فأتيتهم فقرأت عليهم، فانطلق فأرانا آثارهم، وآثار نيرانهم. وسألوه الزاد، فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحمًا، وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم. فقال ﷺ: فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم من الجن. أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح فالحديث يدل على اجتماع النبي ﷺ بالجن ورؤيته لهم ودعوتهم إلى الله ووعظهم بالقرآن، كما يدل على أنهم يأكلون ويشربون، ويدل على ذلك أيضًا الحديث الآتي: روى مسلم وأبو داود ومالك والترمذي من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله ﷺ قال: "لا يأكلن أحدكم بشماله ولا يشربن بها فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بها". أما تزواج الجن وتوالدهم فيدل عليهما قوله تعالى في وصف حور الجنة:
﴿لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان﴾ [الرحمن: ٧٤].

(١) اغتيل: مبني للمجهول - أي قتل سرًا، واستطير - بصيغة المجهول - أي طارت، الجن حسب اعتقادهم في الجاهلية.

1 / 190