ذم الدنيا
اعلم أن الذم الوارد فى الكتاب والسنّة ليس راجعا إلى زمانها الذى هو الليل والنهار المتعاقبان إلى يوم القيامة، فإن الله ﷿ جعلهما خلفة لمن أراد أن يذّكر أو أراد شُكورًا.
وورد فى الأثر: " إن هذا الليل والنهار خزانتان فانتظروا ماتصنعون فيهما ".
وقال مجاهد: " ما من يوم إلا يقول: ابن آدم: قد دخلت، عليك اليوم ولن أرجع إليك بعد اليوم فانظر ماذا تعمل فى، فإذا انقضى طوى، ثم يختم عليه فلا يفك حتى يكون الله هو الذى يقضيه يوم القيامة ".
وأنشد بعضهم:
إنما الدنيا إلى الجنة والنار طريقٌ ... والليالى متجرُ الإنسان والأيام سوقٌ
فالوقت هو رأس مال العبد، وقد صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: " من قال: سبحان الله وبحمده غرست له نخلة فى الجنة " (١).
فانظر إلى مُضَيع الساعات كم يفوته من النخيل.
وكان أحد الصالحين إذا أثقل الناس فى الجلوس عنده يقول: "أما تريدون أن تقوموا، إن ملك الشمس يجرها لا يفتر ".
وقال رجل لأحد العلماء: " قف أكلمك " قال: " أوقف الشمس ".
_________
(١) تقدم تخريجه ص (٣٩).
1 / 58