القضاء
أما القضاء فلا بد له أصوليًا من أمر جديد مثله مثل الأداء، أي: من ترك صلاة الظهر عمدًا متعمدًا مفرطًا فليس عليه القضاء، وإذا أذن المؤذن للعصر فلا يقضي هذه الصلاة، وإن قضاها فهي ليست محسوبة له، لأن القضاء لا بد له من دليل كما أن الأداء لا بد له من دليل.
ودليل ذلك: أن الله أمر بأوامر يجب على المرء أن يؤديها، ولم يأمر بقضائها، ويجلي لنا ذلك قول عائشة ﵂ وأرضاها عندما سألتها المرأة -كما في الصحيحين- فقالت: (أنقضي الصلاة؟! فقالت: أحرورية أنت، كنا نفعل ذلك على عهد النبي ﷺ أي: كنا لا نصوم ولا نصلي إذا حاضت المرأة، فنقضي الصوم ولا نقضي الصلاة، والصوم جاء بأمر جديد من النبي ﷺ، وهو الذي أمرهم بذلك، ولذلك قالت عائشة: (كنا نؤمر) وهذا أمر جديد، أي: أمرنا مجددًا بقضاء الصيام، ولم نؤمر مجددًا بقضاء الصلاة.
ولذلك قعد علماء الفقه قاعدة فقهية تقول: دليل الأداء ليس دليلًا للقضاء.
والدليل على ذلك أيضًا: قول النبي ﷺ: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها حين يذكرها)، فالنوم والنسيان عذر، ولذلك كل الأحاديث: (إلا من عذر) لكن المفرط ليس له دليل، فجاءنا الدليل على النائم والناسي، ولم يأتنا الدليل على المتعمد، فالمتعمد لا قضاء عليه، لكن ينصح بكثرة النوافل؛ لقول النبي ﷺ كما في سنن أبي داود بسند صحيح من حديث أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال: (أول ما يحاسب عليه المرء الصلاة؛ فإن كانت ناقصة قال الله للملائكة: يا ملائكتي! انظروا إلى عبدي أله من النوافل؟! فإن كانت أتم بها صلاته) فالذي يترك فرضًا عمدًا يكثر من النوافل.
وهذا الحكم ينطبق أيضًا على السنن الرواتب، فلو أن رجلًا ليس عنده شيء، وكان جالسًا يمزح مع أخيه أو يتسامر معه، ولم يصل سنة الظهر حتى أقام الإمام صلاة الظهر، فهذا ليس عليه قضاء، ولا يقضي سنة الظهر، لأنه ليس لديه دليل على أنه يقضي هذه السنة.
1 / 16