تيسير أصول الفقه للمبتدئين

محمد حسن عبد الغفار ت. غير معلوم
118

تيسير أصول الفقه للمبتدئين

تصانيف

حكم بيع الاستصناع والأحناف قالوا في بيع الاستصناع: أنه يصح استحسانًا، ومستندهم الإجماع؛ وهو أن الأمم أجمعت على أن هذا البيع صحيح. فمثلًا: رجل ذهب إلى نجار موبيليا وقال له: اصنع لي غرفة نوم، فهذا كالسلم عند جمهور أهل العلم دون الأحناف، ولا يجوز عندهم التعامل بهذه المعاملة حتى يقول لك: غرفة النوم بألف جنيه -مثلًا- فتعطيه الألف جنيه مرة واحدة نقدًا، ولا يجوز لك أن تعطيه بالتقسيط. فالاستصناع سلم ناقص الشروط عند مالك، وأحمد والشافعي وجمهور أهل العلم، ولا يجوز لإنسان أن يقول للنجار: اصنع لي غرفة نوم، إلا أن يعطيه كل ثمنها نقدًا ولا يقسطه. أما الأحناف فقالوا به، وأيضًا المجمع الفقهي في الكويت أفتى بحل الاستصناع، والصحيح الراجح: أنه لا يصح ولا يحل. ومثله أيضًا البنايات، فمثلًا: رجل بنى الدور الأول وباع إلى الدور التاسع؛ وهو ما عنده إلا الدور الأول، فهذا أيضًا بيع معدوم لا يصح؛ لأنه سلم ناقص الشروط، فإن أرادها فلابد أن يعطيه كل الثمن نقدًا، وهذا على خلاف بين العلماء، وهو خلاف معتبر. فالغرض المقصود أن الأحناف يقولون: بأن الاستصناع يصح استحسانًا، فلو قلنا: إن الاستحسان باطل شرعًا، فإننا سنبطل الاستصناع، ولو قلنا: إن الاستحسان مستند للإجماع، فليس بصحيح، فإن جمهور أهل العلم يرون أنه سلم ناقص الشروط. والأحناف اشترطوا شروطًا في الاستصناع حتى يصح، فقالوا: إن البيع غير ملزم، فالرجل الذي أعطى للبائع الألف جنيه، أو أعطى له خمسمائة أو ثلاثمائة أو أربعمائة فصنع له غرفة النوم، فالبائع لما صنع غرفة النوم سيبيعها بعد الاتفاق بألف، فلو جاءه مشترٍ آخر فقال: الغرفة هذه جيدة جدًا أنا أشتريها منك بألفين، فللبائع أنه يبيعها؛ لأن الاستصناع غير ملزم، فما الذي سيحدث بعد هذا؟ فلو أخذنا بقول الأحناف فإنه سيحدث تشاحن بل تقاتل، فالذين أفتوا بحل الاستصناع لم يأخذوا بشرط الأحناف وقولهم، والذين قالوا بالحرمة لم يوافقوا شرط الأحناف، فالذين قالوا: بأن بيع الاستصناع صحيح فليعملوا بشروط أبي حنيفة وهي: الشرط الأول: أن البيع غير ملزم. الشرط الثاني: أنه غير مؤقت، فلا تستطيع أن تلزمه بإنجازه في مدة معينة، كشهر مثلًا. فالصحيح الراجح: أن الاستصناع لا يصح.

11 / 6