416

تيسير التفسير

تصانيف

" إذا هم العبد بحسنة فلم يعملها كتبت له "

بمعنى أن الله سبحان وتعالى يحفظها له ويثيبه عليها ولا يكتبها الملك. وقيل: يطلعون على ما فى القلب بإذن الله إلا الرياء كما روى أن المرائين يقربون من الجنة حتى إذا رأوها واستنشقوا ريحها ردوا فيقولون لو لم نرها ولو لم نستنشق ريحها كان خيرا لنا، فيجيبهم بأن ذلك لعظم مبارزتي بالمعاصى وإظهار الطاعة لغيرى. ولعل الحديث لم يصح لأن الشقى لا يريح ريح الجنة، وتتجدد ملائكة الليل وملائكة النهار، وقيل: لا بل تطلع ملائكة الليل وترجع فى الليل الآخر، وتطلع ملائكة النهار فترجع للنهار الاخر، وقيل: يتجدد ملائكة الحسنات، وقيل: لا يحصر عدد ملائكة الحسنات، لقوله صلى الله عليه وسلم:

" يبتدرون أيهم يكتبها أولا "

، قلت: لا دليل فيه أن هؤلاء المبتدرين ليسوا ملائكة حسنات العبد، بل ملائكة يرغبون فى الخير كطالب العلم، ألا ترى أنهم كلهم يكتبونها لا واحد فقط، إلى قوله: أولا، وحكمة إرسال الملائكة والإخبار بهم أن يعلم الإنسان أن الملائكة تكتب قبائحه وتقرأ عليه بحضرة الخلائق ومسمعهم: فينزجر عنها ويستحيى منهم، أو المراد ملائكة يحفظون ابن آدم ورزقه وأجله وعمله وهم المذكورون فى قوله تعالى:

وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين

[الإنفطار: 10 - 11] أو المعقبات، كما قال الله تعالى:

له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله

[الرعد: 11]، وقيل: المراد هؤلاء كلهم وغيرهم، والعطف على قاهر كقوله تعالى:

صافات ويقبضن

[الملك: 19]، أو على هو القاهر، أو على يتوفاكم، أو على ما جرحتم بالنهار { حتى إذا جاء أحدكم الموت } حتى تفريعية، وهى حرف ابتداء كالغاية لقوله يرسل لكن باعتبار تعلقه بالحفظة وإلا فلا، أو لقوله حفظة، أى يرسل عليكم ملائكة تحفظ أعمالكم، أو أن يجيئكم الموت فيميتكم كما قال { توفته رسلنا } ملك الموت وأعوانه، وهنا كقوله تعالى:

صفحة غير معروفة