335

تيسير التفسير

تصانيف

{ يريدون } يتمنون، وقيل المراد أنه يرفعهم لهبها فيقربوا للخروج فيريدون الخروج، وقيل المراد يكادون يخرجون وإنما يتمنون الخروج أو يريدونه مع علمهم بالخلود لأنهم ينسونه، أو ذلك للطبيعة والعلم بعدم حصول الشىء لا يمنع من إرادته لأن الداعى إلى إرادة الشىء حسنة والحاجة إليه { أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها } إذا دخلوها يوم القيامة والمراد دوامها معهم لا يفنون ولا تفنى هى ويذهبون هم ومقابل قوله أن يخرجوا أن يقال وما يخرجون لكن يجىء بجملة اسمية مسندها اسم تأكيدا { ولهم عذاب مقيم } دائم.

[5.38]

{ والسارق والسارقة } لربع دينار وما يساويه قيمة عندنا وعند الشافعى ومالك، وقيل أو أقل، وبسطت الأقوال فى الفروع ومنها قول أبى حنيفة عشرة دراهم، وقول الحسن بدرهم وعنه عن ابن الزبير وابن عباس فى القليل والكثير بلا حد، وبه قال الخوارج، وقيل لا تقطع الخمس إلا بخمسة دراهم والخلاف لأحاديث ومنها لا قطع إلا فى ربع دينار. وذلك من حرز. ولم يعتبر ابن عباس وابن الزبير والحسن والخوارج الحرز وقدم السارق على السارقة لأن الرجل أميل إلى السرقة وأقوى، والزانية على الزانى لأنها أميل إلى الزنى حتى أن الرجل إليها كإبرة فى الطين ولأنه لولا رضى المرأة غالبا ما زنى بها رجل إذ لو صاحت أو أنكرت من جدها لذل الرجل وذهب، وهما مبتدأ على حذف مضاف والخبر محذوف، أى مما يتلى عليكم أو مما فرض عليكم حكم السارق والسارقة، وقوله تعالى { فاقطعوا أيديهما } بيان لذلك الحكم أو هو الخبر فالفاء فيه لشبه المبتدأ باسم الشرط فى العموم مع ما أشبه الفعل وهو الوصف، والإخبار بالطلب جائز والمراد بالأيدى الأكف اليمنى وإن عادوا فاليسرى وإن عادوا فالقدم اليمنى من مفصلها وإن عادوا فاليسرى، ويعزر بعد ذلك إن عاد بما يرى الإمام، وقد قطع صلى الله عليه وسلم يمنى سارق من الرسغ، رواه الحارث بن أبى عبدالله بن أبى ربيعة كما ذكره أبو نعيم، وذلك مذهب الجمهور وهو مذهبنا، وقالت الإمامية: يقطع من أصول الأصابع ويترك له الإبهام والكف، وزعمت الصفرية أن القطع من المنكب وزعم بعض أن المراد الأصابع من اليمنى لأن القبض بها غالبا ولم يقطع الأئمة إلا من الرسغ فصار إجماعا، والحمع لكراهة تثنيتين ولو ثنى فقيل يديهما لجاز ولو أفرد فقيل يدهما لإرادة الحقيقة لجاز، ويختار الجمع { جزاء } اقطعوا أيديهما حال كونكم مجازين أو ذوي جزاء، أو أيديهما حال كونهما مجازين بفتح الزاى أو ذوى جزاء بفتح الواو ولأجل الجزاء. أو جاز وهما جزاء أو اعتبر الجزاء فى اقطعوا. { بما كسبا } بما كسباه وهو السرقة أو يكسبهما وهو هى { نكالا } تعليلا لجزاء أو بدل منه على أنه نوع منه وهو العذاب أو الإصابة بنازلة أو تعليل لاقطعوا، أو لو جعلنا جزاء تعليلا له لجواز تعليل شىء واحد بعلتين بطريق التبعية كالبدل هنا وأجازه بعضهم ولو بلا تبعية ولا بأس بتعليل علة ومعلولها { من الله } فلا بد من التوبة بالندم وبالعزم على عدم العود وبالضمان لأن ذلك جزاء لا كفارة وما جاء فى الحديث أنه كفارة محمول على من تاب { والله عزيز حكيم } فى إيجاب القطع وفى انتقامه منه ومن العصاة وفى فرائضه وحدوده فالقطع حكمة لا تحكم، لعن الله المعرى إذ قال:

يد بخمس مئين عسجد وديت

ما بالها قطعت فى ربع دينار

تحكم مالنا إلا السكوت له

وأن نعوذ بمولانا من النار

قلت:

ياليت كلب المعرة الذى نبحا

بذا الكلام وأبدى مضمر العار

صفحة غير معروفة