[2.220]
{ فى الدنيا والأخرة } فى أمورها، فتأخذون ما يصلح لكم ولا يضركم، أو فى أيهما أحق فتجدونه الآخرة ويجوز أن يتعلق بيبين ويتفكر فى قوله فى الدنيا، والتكرار بالتنازع لا ركة فيه { ويسئلونك } نزل، إن الذين يأكلون أموال اليتامى... الآية، ولا تقربوا مال اليتم... إلخ، فتركوا تعهد أموالهم ومؤاكلتهم حتى إنهم ليصنعون طعاما لليتيم م ماله، وإن فضلت فضلة لم يأكلوها ولم يبيعوها، إذ لا تشترى أيضا لذلك، ولأنها لا تصلح للبيع، ويجبسونها ليأكلها حتى تفسد، فيريقوها، ويجعلون لطعامه قدرا وحطبا وغير ذلك على حدة، وتضرر بذلك اليتامى، وشق على قوامهم، فنزل قوله تعالى ويسئلونك { عن اليتمى } إلخ، أى عن خلطة أموالهم، رواه أبو داود والنسائى والحاكم ، وصححه من حديث ابن عباس رضى الله تعالى عنهما { قل إصلاح } مبتدأ خبره خير { لهم } متعلق بإصلاح، أو نعته، أى إصلاح أموالهم { خير } لكم ثوابا ولهم نفعا، أو أفضل من تركها، وفى تركها، تحرجا، ثواب على نيتكم، أو الإصلاح لهم أن يوسعوا فى أموال أنفسهم لليتامى، أو أن يخالطوهم فى الطعام والخدمة والسكنى، بأموالكم وأموالهم، وخدمكم ودوابكم، فتصيبوا من أموالهم، أو تصلحوا أموالهم بلا أجرة ولا عوض. قال الزجاج: كانوا يتزوجون من اليتامى الموسرات ويأكلون أموالهن، فشدد عليهم فى أمر اليتامى تشديدا، خافوا معه التزوج باليتامى ومخالطتهم، فأعلمهم الله أن الإصلاح خير الأشياء، وأن مخالطتهم بالتزوج مع تحرى الإصلاح جائزة { وإن تخالطوهم } بالمال والمصاهرة فهذا خير لكم فى الدارين، أو، فلكم ذلك { فإخونكم } فهم إخوانكم، أى لأنهم إخوانكم فى الدين، ومن حق الأخ مراعاة الأصلح له والصبر { والله يعلم المفسد } لأموالهم، بالأكل والتضييع ولغيرها، وفى شأن غيرهم، ولا يخفى عليه من أراد الخطلة للخيانة، ومن الخيانة أن يتسلفها تنمية لمال نفسه، واتجارا بها لنفسه بلا حاجة، بل يتجر بها لليتيم بالمضاربة وغيرها بنفسه أو بعيره، وإن ضاعت بلا تقصير فى تجره لم تلزمه، لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالتجر بها { من المصلح } لأموالهم، وفى شأن غيرهم، وذلك وعيد للمفسد ووعد للمصلح { ولو شآء الله } إعناتكم { لأعنتكم } ألقاكم فى العنت، أى المشقة، بتحريم المخالطة، ولو مانعة، فالله لم يعنتنا، فيجز لنا مراعاه صلاحهم، حتى إنه ليجوز لنا فداء أموالهم ببعضها، ولو بنصف أو أكثر من جائر أو أمر متلف، وإجبارهم على كسب لائق بهم، ولهم غلته، وشراء عقار لهم إن لم يخف عيه جائرا أو خرابا أو خراجا لا تبقى معه لهم فائدة، وإطعامهم الرقائق، وإلباسهم بحسب أموالهم وخلط أموال يتامى بحفظ وإصلاح { إن الله عزيز حكيم } لا يكون مغلوبا ولا غير متقن للأمر.
[2.221]
{ ولا تنكحوا } لا تتزوجوا أيها المؤمنون { المشركت حتى يؤمن } ولو كتابيات ذميات، جروا على تحريم الكتابيات الذميات كغيرهن، ثم نزل نسخ تحريمهن بقوله تعالى:
والمحصنت من الذين أوتوا الكتب
[المائدة: 5] وبقيت الكتابيات المحاربات وسائر المشركات على التحريم ولو اقترنت الآيتان لقلت، إن ذلك تخصيص للعموم، كما شهر فى المذهب وعند الشافعية، من أن ذلك من تخصيص العام، ومن جواز تأخير دليل الخصوص فى العموم، ولو كانت مقارنة بين العام والخاص، ولك أن تقول، لا نسخ ولا تخصيص، بل المشركات فى الآية غير الكتابيات، لأنه كثر فى القرآن مقابلة المشركات بالكتابيات، كقوله تعالى:
لم يكن الذين كفروا من أهل الكتب والمشركين
[البينة: 1]، ولو كان أهل الكتاب أيضا مشركين لقوله سبحانه عما يشركون، وأجاز بعض قومنا نكاح الحربيات الكتابيات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب، وليس بشىء، ونص ابن عباس على المنع، وهو الصحيح { ولأمة } وزنه فعة بحذف اللام، وأصله أهو بفتح الميم وإسكانها، قولان، احتار الأكثرون الفتح، وتجمع على إماء بوزن فعال، بكسر الفاء وهو الأكثر، وعلى ءام بوزن أفح بفتح الهمزة وإسكان الفاء وكسر العين، وأصله أفعل بفتح الهمزة وإسكان الفاء وضم العين، وهكذا أ امو بفتح الهمزة الأولى وإسكان الثانية وضم الميم، قلبت الثانية ألفاء وضمة الميم كسرة والواو ياء، حذفت للتنوين بعدها، وقلبت الواو ياء، لئلا يختم اسم عربى معرب بواو ساكنة قبلها ضمة لازمة، فيقال ءام، جرا ورفعا وءاميا نصبا { مؤمنة خير من مشركة } حرة { ولو أعجبتكم } لجمالها ومالها وعزتها ونسبها، فكيف الحرة المؤمنة، ولا خير فى المشركة، إلا أن المشاركة باعتبار الاعتقاد لا الوجود، واسم التفضيل لا يخرج عن التفضيل مع وجود من، والمشاركة هنا موجودة، ففى كل من الأمة المسلمة والمشركة الحرة تمتع بالأنوثة، وفى المشركة الحرية، وفى الأمة الإيمان، وكل ذلك حسن، ففضل الله حسن الإيمان على حسن الحرية، وخيرية الحرة المؤمنة على المشركة الحرة معلوم بالأولى، ولا حاجة إلى أن الأمة مملوكة الله الشاملة للحرة، ولا تعسف فى ذلك، بل التعسف فى دعوى أن الأمة بمعنى مملوكة الله، لأن هذا ولو كثر استعماله حقيقة أو مجازا، ولكن فى مقام الوعظ ونحوه، لا فى مقام الأحكام كما هنا.
روى
" عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث مرثدا الغنوى إلى مكة، ليخرج منها ناسا من المسلمين سرا، وكان يهوى امرأة فى الجاهلية، اسمها عناق، فأتته، فقالت له: ألا تخلو؟ فقال، ويحك، إن الإسلام حال بينى وبينك وحرم الزنا، فقالت: هل لك أن تتزوج بى؟ فقال: نعم، ولكن أرجع إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأستأمره، فقالت: أبى تتبرم، فصرخت عليه، فعذبوه، ثم خلوه، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل. ولا تنكحوا المشركات: كذا قيل ".
صفحة غير معروفة