هل غاب عن هؤلاء الذين يلومون غيرهم ويكتمون من صفات النبي ما يكتمون ويحرّفون كلام الله ان الله يعلم ما يُسِرون من كفرٍ ومكيدة وما يعلنون من اظهار الايمان ومن هؤلاء اليهود أميّون جهلة لا يعرفون شيئًا، ولا يعرفون عن التوراة الا الأكاذيب تنفق مع أمانيّهم حسب ما رسمه لهم أحبارهم.
والأماني جمع أمنيَة. وهي في الاصل ما يقدّره الانسان في نفسه، ولذلك تطلق على الكذب وعلى ما يُتمنى وما يُقرأ. وعلى ذلك يكون المعنى: انهم يعتقدونن أكاذيب أخذوهنا تقليدًا من المحّرفين، أو مواعيد فارغة سمعوها منهم، كقولهم ان الجنة قصرٌ على اليهود وحدهم وان النار لن تمسّهم الا أيامًا يتركونها بعدها الى الجنة.
﴿وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ﴾ أي وما هو الا قوم قصارى أمرهم الظن الواهي دون علم ولا فهم. ومع هذا فهم أكثر الناس جدلًا في الحق، وأشدهم كذبًا وغرورا.
﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ. . .﴾
الويل: الهلاك، اي هلاك وعذاب كبير لهؤلاء الأحبار الذين يكتبون من عندهم ثم يقولون للأميين هذه هي التوراة التي جاءت من عند الله. كل هذا الافك ليصلوا من ورائه الى أغراض تافهة قليل. فالحق أثمن الأشياء وأغلاها.
وقد جنى أحبار اليهود ثلاث جنايات: تغيير صفة النبي ﷺ، والافتراء على الله، وأخذ الرشوة، فهددهم الله على كل جناية بالويل والثبور.
1 / 41